Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 44-44)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

إعادة النداء لزيادة تأكيد ما أفاده النداء الأول والثاني . والمراد بعبادة الشيطان عبادة الأصنام عبر عنها بعبادة الشيطان إفصاحاً عن فسادها وضلالها ، فإن نسبة الضلال والفساد إلى الشيطان مقررة في نفوس البشر ، ولكن الذين يتبعونه لا يفطنون إلى حالهم ويتبعون وساوسه تحت ستار التمويه مثل قولهم { إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون } الزخرف 23 ، ففي الكلام إيجاز لأن معناه لا تعبد الأصنام لأن اتخاذها من تسويل الشيطان للذين اتخذوها ووضعوها للناس ، وعبادتَها من وساوس الشيطان للذين سنّوا سنن عبادتها ، ومن وساوسه للناس الذين أطاعوهم في عبادتها ، فمن عَبَد الأصنام فقد عبد الشيطان وكفى بذلك ضلالاً معلوماً . وهذا كقوله تعالى { وإن يدعون إلا شيطاناً مريداً } وتقدم في سورة النساء 117 . وفي هذا تبغيض لعبادة الأصنام ، لأن في قرارة نفوس الناس بغض الشيطان والحذر من كيده . وجملة إن الشيطان كان للرحمان عصياً تعليل للنهي عن عبادته وعبادة آثار وسوسته بأنه شديد العصيان للرب الواسع الرحمة . وذكر وصف « عصياً » الذي هو من صيغ المبالغة في العصيان مع زيادة فعل كَانَ للدلالة على أنه لا يفارق عصيان ربه وأنه متمكن منه ، فلا جرم أنه لا يأمر إلا بما ينافي الرحمة ، أي بما يفضي إلى النقمة ، ولذلك اختير وَصف الرحمان من بين صفات الله تعالى تنبيهاً على أن عبادة الأصنام توجب غضب الله فتفضي إلى الحرمان من رحمته ، فمن كان هذا حاله فهو جدير بأن لا يتبع . وإظهار اسم الشيطان في مقام الإضمار ، إذ لم يقل إنه كان للرحمان عصيّاً ، لإيضاح إسناد الخبر إلى المسند إليه ، ولزيادة التنفير من الشيطان ، لأن في ذكر صريح اسمه تنبيهاً إلى النفرة منه ، ولتكون الجملة موعظة قائمة بنفسها . وتقدّم الكلام على يا أبت قريباً .