Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 9-9)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فصلت جملة { قَالَ كَذٰلِكَ } لأنها جرت على طريقة المحاورة . وهي جواب عن تعجبه . والمقصود منه إبطال التعجب الذي في قوله { وكانَتِ امرأتي عاقِراً وقد بلغتُ مِن الكِبَر عِتِياً } مريم 8 . فضمير { قَالَ } عائد إلى الرب من قوله { قَالَ رَبّ أنَّى يكونُ لي غُلامٌ } مريم 8 . والإشارة في قوله { كَذٰلِكَ } إلى قول زكرياء { وكانت امرأتي عاقِراً وقَد بلَغْتُ مِنَ الكِبَرِ عِتِيّاً } . والجار والمجرور مفعول لفعل { قَالَ رَبُّكَ } ، أي كذلك الحال من كبرك وعقر امرأتك قدّر ربُّك ، ففعلُ { قَالَ رَبُّكَ } مرادٌ به القول التكويني ، أي التقديري ، أي تعلّق الإرادة والقدرة . والمقصود من تقريره التمهيد لإبطال التعجب الدال عليه قوله { عَلَيَّ هَيِنٌ } ، فجملة { هُوَ عليَّ هَيِنٌ } استئناف بياني جواباً لسؤال ناشىء عن قوله { كَذَلِكَ } لأنّ تقرير منشأ التعجب يثير ترقب السامع أن يعرف ما يُبطل ذلك التعجب المقرّر ، وذلك كونه هيّناً في جانب قدرة الله تعالى العظيمة . ويجوز أن يكون المشار إليه بقوله { كَذلِكَ } هو القول المأخوذ من { قَالَ رَبُّكَ } ، أي أن قولَ ربّك { هُوَ عليَّ هَيّنٌ } بلغ غاية الوضوح في بابه بحيث لا يبين بأكثر ما علمت ، فيكون جارياً على طريقة التشبيه كقوله تعالى { وكذلك جعلناكم أمة وسطا } وقد تقدم في سورة البقرة 143 . وعلى هذا الاحتمال فجملة هُوَ عليَّ هَينٌ تعليل لإبطال التعجب إبطالاً مستفاداً من قوله { كذلك قال ربّك } ، ويكون الانتقال من الغيبة في قوله { قَالَ ربّك } إلى التكلم في قوله { هُوَ عليَّ هَيّنٌ } التفاتاً . ومقتضى الظاهر هو عليه هيّن . والهيّن ــــ بتشديد الياء ــــ السهل حصوله . وجملة { وقَدْ خَلقتُكَ من قَبْلُ } على الاحتمالين هي في موضع الحال من ضمير الغيبة الذي في قوله { هُوَ على هَيِنٌ } ، أي إيجاد الغلام لك هيّن عليّ في حال كوني قد خلقتُك من قبل هذا الغلام ولم تكن موجوداً ، أي في حال كونه مماثلاً لخلقي إياك ، فكما لا عجب من خلق الولد في الأحوال المألوفة كذلك لا عجب من خلق الولد في الأحوال النادرة إذ هما إيجاد بعد عدم . ومعنى { ولَمْ تَكُ شَيْئاً } لم تكن موجوداً . وقرأ الجمهور { وقَدْ خَلَقْتُكَ } بتاء المتكلّم . وقرأه حمزة ، والكسائي ، وخلف وقد خلقناك بنون العظمة .