Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 135-135)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
جواب عن قولهم { لولا يأتينا بآية من ربه } طه 133 وما بينهما اعتراض . والمعنى كل فريق متربص فأنتم تتربصون بالإيمان ، أي تؤخرون الإيمان إلى أن تأتيكم آية من ربّي ، ونحن نتربص أن يأتيكم عذاب الدنيا أو عذاب الآخرة ، وتفرع عليه جملة { فتربصوا } . ومادة الفعل المأمور به مستعملة في الدوام بالقرينة ، نحو { يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله } النساء 136 ، أي فداوموا على تربصكم . وصيغة الأمر فيه مستعملة في الإنذار ، ويسمى المتاركة ، أي نترككم وتربصَكم لأنا مؤمنون بسوء مصيركم . وفي معناه قوله تعالى { فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون } السجدة 30 . وفي ما يقرب من هذا جاء قوله { قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربصوا إنا معكم متربصون } التوبة 52 . وتنوين كلّ تنوين عوض عن المضاف إليه المفهوم من المقام ، كقول الفضل بن عبّاس اللّهَبي @ كلّ له نِية في بُغض صاحبه بنعمة الله نقليكم وتقلونا @@ والتربص الانتظار . تفعّل من الربْص ، وهو انتظار حصول حدث من خير أو شرّ ، وقد تقدّم في سورة براءة . وفرع على المتاركة إعلامهم بأنهم يعلمون في المستقبل مَن مِن الفريقين أصحاب الصراط المستقيم ومن هم المهتدون . وهذا تعريض بأن المؤمنين هم أصحاب الصراط المستقيم المهتدون ، لأنّ مثل هذا الكلام لا يقوله في مقام المحاجّة والمتاركة إلا الموقن بأنه المحق . وفِعل تعلمون معلق عن العمل لوجود الاستفهام . والصراط الطريق . وهو مستعار هنا للدّين والاعتقاد ، كقوله { اهدنا الصراط المستقيم } الفاتحة 6 . والسوي فعيل بمعنى مفعول ، أي الصراط المسَوّى ، وهو مشتق من التسوية . والمعنى يحتمل أنهم يعلمون ذلك في الدنيا عند انتشار الإسلام وانتصار المسلمين ، فيكون الذين يعلمون ذلك مَن يبقى من الكفار المخاطبين حين نزول الآية سواء ممن لم يسلموا مثل أبي جهل ، وصناديد المشركين الذين شاهدوا نصر الدين يوم بَدر ، أو من أسلموا مثل أبي سفيان ، وخالد بن الوليد . ومن شاهدوا عزّة الإسلام . ويحتمل أنهم يعلمون ذلك في الآخرة عِلم اليقين . وقد جاءت خاتمة هذه السورة كأبلغ خواتم الكلام لإيذانها بانتهاء المحاجَة وانطواء بساط المقارعة . ومن محاسنها أن فيها شبيه رد العجز على الصدر لأنّها تنظر إلى فاتحة السورة . وهي قوله { ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى } طه 2 ، لأن الخاتمة تدل على أنه قد بلّغ كل ما بعث به من الإرشاد والاستدلال ، فإذا لم يهتدوا به فكفاه انثلاجَ صدره أنه أدى الرسالة والتذكرة فلم يكونوا من أهل الخشية فتركهم وضلالهم حتى يتبين لهم أنه الحق .