Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 89-89)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يجوز أن يكون اعتراضاً وليس من حكاية كلام القوم ، فهو معترض بين جملة { فكذلك ألقى السامريّ } طه 87 وجملة { قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلّوا ألاّ تتبعن } طه 92 ، 93 الخ ، فتكون الفاء لتفريع كلاممِ متكلّمٍ على كلام غيره ، أي لتفريع الإخبار لا لتفريع المخبر به ، والمخبِر متعدد . ويجوز أن يكون من حكاية كلام الذين تصدّوا لخطاب موسى ــــ عليه السلام ــــ من بين قومه وهم كبراؤهم وصلحاؤهم ليعلم أنهم على بصيرة من التوحيد . والاستفهام إنكاري ، نزلوا منزلة من لا يرى العجل لعدم جَرْيهم على موجَب البصر ، فأُنكر عليهم عدم رؤيتهم ذلك مع ظهوره ، أي كيف يدّعون الإلهية للعجل وهم يرون أنه لا يتكلم ولا يستطيع نفعاً ولا ضراً . والرؤية هنا بصرية مكنى بها أو مستعملةً في مطلق الإدراك فآلت إلى معنى الاعتقاد والعلم ، ولا سيما بالنسبة لجملة { ولاَ يَمْلِكُ لَهُمْ ضَراً ولا نَفْعاً } فإن ذلك لا يُرى بالبصر بخلاف { لا يرجع إليهم قولاً } . ورؤية انتفاء الأمرين مراد بها رؤية أثر انتفائهما بدوام عدم التكلّم وانتفاءِ عدم نفعهم وضرهم ، لأنّ الإنكار مسلّط على اعتقادهم أنه إلههم فيقتضي أن يملكَ لهم ضرّاً ونفعاً . ومعنى { يَرْجِعُ } يَرُدّ ، أي يجيب القول ، لأن ذلك محل العبرة من فقدانه صفات العاقل لأنهم يَدْعُونه ويُثنون عليه ويمجدونه وهو ساكت لا يشكر لهم ولا يَعِدهم باستجابة ، وشأن الكامل إذا سمع ثناء أو تلقّى طِلبة أن يجيب . ولا شك أن في ذلك الجمع العظيم من هو بحاجة إلى جلب نفع أو دفع ضرّ ، وأنهم يسألونه ذلك فلم يجدوا ما فيه نفعهم أو دفع ضر عنهم مثل ضر عدّو أو مرض . فهم قد شاهدوا عدم غنائه عنهم ، ولأن شواهد حاله من عدم التحرك شاهدة بأنه عاجز عن أن ينفع أو يضر ، فلذلك سلط الإنكار على عدم الرؤية لأنّ حاله مما يُرى . ولامَ { لَهُمْ } متعلّق بــــ { يَمْلِكُ } الذي هو في معنى يستطيع كما تقدّم في قوله تعالى { قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضراً ولا نفعاً } في سورة العقود . 76 . وقدم الضرّ على النفع قطعاً لعُذرهم في اعتقاد إلهيته ، لأن عذر الخائف من الضرّ أقوى من عذر الراغب في النفع . و أنْ في قوله { ألاَّ يَرْجِعُ } مخفّفة من أنّ المفتوحة المشددة واسمها ضمير شأن محذوف ، والجملة المذكورة بعدها هي الخبر ، فــــ { يرجعُ } مرفوع باتفاق القراءات ما عدا قراءات شاذة . وليست أنْ مصدرية لأن أن المصدرية لا تقع بعد أفعال العلم ولا بعد أفعال الإدراك .