Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 9-10)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أعقب تثبيت الرسول على التبليغ والتنويه بشأن القرآن بالنسبة إلى من أنزله ومن أنزل عليه بذكر قصة موسى - عليه السلام - ليتأسّى به في الصبر على تحمل أعباء الرسالة ومقاساة المصاعب ، وتسليةً له بأن الذين كذبوه سيكون جزاؤهم جزاء مَن سلَفَهم من المكذبين ، ولذلك جاء في عقب قصة موسى قوله تعالى { وقد آتيناك من لدنا ذكراً من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزراً خالدين فيه } طه 99 ـــ 101 . وجاء بعد ذكر قصة آدم وأنه لم يكن له عزم { فاصبر على ما يقولون } طه 130 الآيات . فجملة { وهل أتَاكَ حَدِيثُ موسىٰ } عطف على جملة { ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى } طه 2 . الغرض هو مناسبة العطف كما تقدم قريباً . وهذه القصة تقدّم بعضها في سورة الأعراف وسورة يونس . والاستفهام مستعمل في التشويق إلى الخبر مجازاً وليس مستعملاً في حقيقته سواء كانت هذه القصة قد قُصت على النبي - صلى الله عليه وسلم - من قبل أم كان هذا أولَ قصصها عليه . وفي قوله { إذ رأى ناراً } زيادة في التشويق كما يأتي قريباً . وأوثر حرف هل في هذا المقام لما فيه من معنى التحقيق لأن هل في الاستفهام مثل قَد في الإخبار . والحديث الخبر ، وهو اسم للكلام الذي يحكى به أمر حدث في الخارج ، ويجمع على أحاديث على غير قياس . قال الفراء « واحِد الأحاديث أُحْدُوثة ثم جعلوه جمعاً للحديث » اه . يعني استغنوا به عن صيغة فُعلاء . و { إذْ } ظرف للحديث . وقد تقدّم نظائره ، وخص هذا الظرف بالذكر لأنه يزيد تشويقاً إلى استعلام كنه الخبر ، لأن رؤية النار تحتمل أحوالاً كثيرة . ورؤية النار تدلّ على أن ذلك كان بليل ، وأنه كان بحاجة إلى النار ولذلك فرع عليه { فَقَالَ لأَهْله امْكُثُوا } … الخ . والأهل الزوج والأولاد . وكانوا معه بقرينة الجمع في قوله { امكثوا } . وفي سفر الخروج من التّوراة « فأخذ موسى امرأته وبنيه وأركبهم على الحمير ورجع إلى أرض مصر » . وقرأ الجمهور - بكسر هاء ضمير - { أهلِه } على الأصل . وقرأه حمزة وخلف بضم الهاء ، تبعاً لضمة همزة الوصل في امكثوا . والإيناس الإبصار البيّن الذي لا شبهة فيه . وتأكيد الخبر بإن لقصد الاهتمام به بشارة لأهله إذ كانوا في الظلمة . والقبَس ما يؤخذ اشتعاله من اشتعال شيء ويقبس ، كالجَمرة من مجموع الجمر والفتيلة ونحو ذلك . وهذا يقتضي أنه كان في ظلمة ولم يجد ما يقتدح به . وقيل اقتدح زَنده فَصَلَد ، أي لم يقدح . ومعنى { أو أجدُ على النار هدى } أو ألقَى عارفاً بالطريق قاصداً السير فيما أسير فيه فيهديني إلى السبيل . قيل كان موسى قد خفي عليه الطريق من شدّة الظلمة وكان يحب أن يسير ليلاً . و { أوْ } هنا للتخيير ، لأنّ إتيانه بقبس أمر محقق ، فهو إما أن يأخذ القبس لا غير ، وإما أن يزيد فيجد صاحب النار قاصداً الطريق مثله فيصحبه . وحرف { على } في قوله { أو أجِدُ على النَّارِ هُدىً } مستعمل في الاستعلاء المجازي ، أي شدّة القرب من النار قرباً أشبه الاستعلاء ، وذلك أنّ مُشعِل النار يستدني منها للاستنارة بضوئها أو للاصطلاء بها . قال الأعشى @ وباتَ على النار النّدى والمحلّقُ @@ وأراد بالهدى صاحب الهدى . وقد أجرى الله على لسان موسى معنى هذه الكلمة إلهاماً إياه أنه سيجد عند تلك النار هُدى عظيماً ، ويبلّغ قومه منه ما فيه نفعهم . وإظهار النّار لموسى رمْز رباني لطيف إذ جعل اجتلابه لتلقي الوحي باستدعاء بنور في ظلمة رمزاً على أنه سيتلقى ما به إنارة ناس بدين صحيح بعد ظلمة الضلال وسوء الاعتقاد .