Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 10-10)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

استئناف جوابٌ عن قولهم { فليأتنا بآية كما أرسل الأولون } الأنبياء 5 بإيقاظهم إلى أن الآية التي جاءتهم هي أعظم من الآيات التي أرسل بها الأولون ، وتجهيلاً لألبابهم التي لم تُدرك عِظم الآية التي جاءتهم كما أنبأ بذلك موقع هذه الجملة في هذا المكان . وفي ضمير ذلك تحقيق لكون القرآن حقاً ، وتذكير بما يشتمل عليه من المنافع التي عَمُوا عنها فيما حكي عنهم أول السورة بقوله تعالى { ما يأتيهم من ذكر من ربهم مُحدث إلا استمعوه وهم يلعبون لاهية قلوبهم } الأنبياء 2ــــ3 كما أنبأ بذلك ظاهر معنى الآية . ولقصد هذا الإيقاظ صُدِّرت الجملة بما يفيد التحقيق من لام القسم وحرف التحقيق وجعل إنزال الكتاب إليهم كما اقتضته تعدية فعل { أنزلنا } بحرف إلى شأن تعدية فعل الإنزال أن يكون المجرور بــــ « إلى » هو المنزّل إليه فجعل الإنزال إليهم لكونهم بمنزلة من أنزل إليه نظراً إلى أن الإنزال كان لأجلهم ودعوتهم . وذلك أبلغ من أن يقال لقد أنزلنا لكم . وتنكير { كتاباً } للتعظيم إيماء إلى أنه جمع خصلتين عظيمتين كونه كتاب هدى ، وكونه آية ومعجزة للرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يستطيع أحد أن يأتي بمثله أو مُدَانِيه . والذكر يطلق على التذكير بما فيه الصلاح ، ويطلق على السمعة والصيت كقوله { ذكر رحمة ربك عبده زكريا } مريم 2 . وقد أوثر هذا المصدر هنا وجُعل معرفاً بالإضافة إلى ضمير المخاطبين ليكون كلاماً موجهاً فيصح قصد المعنيين معاً من كلمة الذكر بأن مجيء القرآن مشتملاً على أعظم الهدى ، وهو تذكير لهم بما به نهاية إصلاحهم ، ومجيئه بلغتهم ، وفي قومهم ، وبواسطة واحد منهم ، سمعةٌ عظيمة لهم كما قال تعالى { بلسان عربي مبين } الشعراء 195 ــــ وقال ــــ { كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم } البقرة 151 . وقد فسر السلف هذه الآية بالمعنيين . وفي « تفسير الطبري » هنا قال جماعة معنى « فيه ذكركم » أنه الشرَف ، أي فيه شرفكم . وقال ابن عطية يحتمل أن يريد فيه شرفكم وذكركم آخر الدهر كما تذكر عظام الأمور ، وقد فُسر بمثل ذلك قوله تعالى { وإنه لذكر لك ولقومك } الزخرف 44 . وعلى المعنيين يكون لِتفريع قوله تعالى { أفلا تعقلون } أحسنُ موقع لأن الاستفهام الإنكاري لنفي عقلهم متجه على كلا المعنيين فإن من جاءه ما به هديه فلم يهتد يُنكَر عليه سوء عقله ، ومن جاءه ما به مجده وسمعته فلم يعبأ به ينكر عليه سوء قدره للأمور حق قدرها كما يكون الفضل في مثله مضاعفاً . وأيضاً فهو متفرع على الإقناع بإنزال القرآن آية تفوق الآيات التي سألوا مثلها وهو المفاد من الاستئناف ومن تأكيد الجملة بالقسم وحرفِ التحقيق قال تعالى { أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون } في سورة العنكبوت 51 ، وذلك لإعجازه اللفظي والمعنوي .