Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 89-90)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

كان أمر زكريا الذي أشار إليه قوله { إذ نادى ربه } آية من آيات الله في عنايته بأوليائه المنقطعين لعبادته فخصّ بالذكر لذلك . والقول في عطف { وزكريا } كالقول في نظائره السابقة . وجملة { رب لا تذرني فردا } مبيّنة لجملة { نادى ربه } . وأطلق الفرد على من لا ولد له تشبيهاً له بالمُنفرد الذي لا قرين له . قال تعالى { وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً } مريم 95 ، ويقال مثله الواحد للذي لا رفيق له ، قال الحارث بن هشام @ وعَلمتُ أني إن أُقاتل واحداً أقتل ولا يَضررُ عدوي مشهدي @@ فشُبه من لا ولد بالفرد لأن الولد يصيّر أباه كالشفع لأنه كجزء منه . ولا يقال لذي الولد زوجٌ ولا شفع . وجملة { وأنت خير الوارثين } ثناء لتمهيد الإجابة ، أي أنت الوارث الحق فاقض عليّ من صفتك العلية شيئاً . وقد شاع في الكتاب والسنة ذكر صفة من صفات الله عند سؤاله إعطاء ما هو من جنسها ، كما قال أيوب { وأنت أرحم الراحمين } الأنبياء 83 ، ودلّ ذكر ذلك على أنه سأل الولد لأجل أن يرثه كما في آية سورة مريم 6 { يرثني ويرث من آل يعقوب } حُذفت هاته الجملة لدلالة المحكي هنا عليها . والتقدير يرثني الإرثَ الذي لا يداني إرثَك عبادك ، أي بقاء ما تركوه في الدنيا لتصرُّف قدرتك ، أو يرثني مالي وعلمي وأنت ترث نفسي كلها بالمصير إليك مصيراً أبدياً فأرثك خير إرث لأنه أشمل وأبقى وأنت خير الوارثين في تحقق هذا الوصف . وإصلاح زوجه جعلها صالحة للحمل بعد أن كانت عاقراً . وتقدم ذكر زكرياء في سورة آل عمران وذكر زوجه في سورة مريم . { إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِى ٱلْخَيْرَٰتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُواْ لَنَا خـٰشِعِينَ } جملة واقعة موقع التعليل للجمل المتقدمة في الثناء على الأنبياء المذكورين ، وما أوتوه من النصر ، واستجابة الدعوات ، والإنجاء من كيد الأعداء ، وما تبع ذلك ، ابتداءً من قوله تعالى { ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء } الأنبياء 48 . فضمائر الجمع عائدة إلى المذكورين . وحرف التأكيد مفيد معنى التعليل والتسبب ، أي ما استحقّوا ما أوتوه إلا لمبادرتهم إلى مسالك الخير وجدّهم في تحصيلها . وأفاد فعل الكون أن ذلك كان دأبَهم وهجِّيراهم . والمسارعة مستعارة للحرص وصرف الهمة والجِدّ للخيرات ، أي لفعلها ، تشبيهاً للمداومة والاهتمام بمسارعة السائر إلى المكان المقصود الجادّ في مسالكه . والخيرات جمع خَيْر ــــ بفتح الخاء وسكون الياء ــــ وهو جمع بالألف والتاء على خلاف القياس فهو مثل سرادقات وحمامات واصطبلات . والخير ضدّ الشرّ ، فهو ما فيه نفع . وأما قوله تعالى { فيهن خيرات حِسان } الرحمٰن 70 فيحتمل أنه مثل هذا ، ويحتمل أنه جمع خَيْرة ــــ بفتح فسكون ــــ الذي هو مخفف خَيِّره المشدّد الياء ، وهي المرأة ذات الأخلاق الخيرية . وقد تقدم الكلام على { الخَيْرات } في قوله تعالى { وأولئك لهم الخيرات } في سورة براءة 88 . وعطف على ذلك أنهم يدْعُون الله رغبةً في ثوابه ورهبة من غضبه ، كقوله تعالى { يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه } الزمر 9 . والرغَب والرهَب ــــ بفتح ثانيهما ــــ مصدران من رغب ورهب . وهما وصف لمصدر { يدعوننا } لبيان نوع الدعاء بما هو أعم في جنسه ، أو يقدر مضاف ، أي ذوي رغب ورهب ، فأقيم المضاف إليه مقامه فأخذ إعرابه . وذكر فعل الكون في قوله تعالى { وكانوا لنا خاشعين } مثل ذكره في قوله تعالى { كانوا يسارعون } . والخشوع خوف القلب بالتفكر دون اضطراب الأعضاء الظاهرة .