Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 45-45)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

تفرع ذكر جملة { كأين من قرية } على جملة { فكيف كان نكير } الحج 44 فعطفت عليها بفاء التفريع ، والتعقيب في الذكر لا في الوجود ، لأن الإملاء لكثير من القرى ثم أخذها بعد الإملاء لها يبين كيفيّة نكير الله وغضبه على القرى الظالمة ويفسره ، فناسب أن يذكر التفسير عقب المفسر بحرف التفريع ، ثم هو يفيد بما ذكر فيه من اسم كثرة العَدد شُمولاً للأقوام الذين ذُكروا من قبل في قوله { فقد كذبت قبلهم قوم نوح } الحج 42 إلى آخره فيكون لتلك الجملةِ بمنزلة التذييل . و { كأيّن } اسم دال على الإخبار عن عدد كثير . وموضعها من الجملة محل رفع بالابتداء وما بعده خبر . والتقدير كثير من القرى أهلكناها ، وجملة { أهلكناها } الخبر . ويجوز كونها في محل نصب على المفعولية بفعل محذوف يفسره { أهلكناها } والتقدير أهلكنا كثيراً من القرى أهلكناها ، والأحسن الوجه الأول لأنه يحقق الصدارة التي تستحقها كأيّن بدون حاجة إلى الاكتفاء بالصدارة الصورية ، وعلى الوجه الأول فجملة { أهلكناها } في محل جر صفة لــــ { قرية } . وجملة { فهي خاوية } معطوفة على جملة { أهلكناها ، } وقد تقدم نظيره في قوله { وكأين من نبي } فيسورة آل عمران 146 . وأهل المدن الذين أهلكهم الله لظلمهم كثيرون ، منهم من ذُكر في القرآن مثل عاد وثمود . ومنهم من لم يذكر مثل طَسم وجَديس وآثارُهم باقية في اليمامة . ومعنى { خاوية على عروشها } أنها لم يبق فيها سقف ولا جدار . وجملة { على عروشها } خبر ثان عن ضمير { فهي } والمعنى ساقطة على عروشها ، أي ساقطة جدرانها فوق سُقفها . والعروش جمع عَرش ، وهو السَقْف ، وقد تقدم تفسير نظير هذه الآية عند قوله تعالى { أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها } فيسورة البقرة 259 . والمعطلة التي عطل الانتفاع بها مع صلاحها للانتفاع ، أي هي نابعة بالماء وحولها وسائل السقي ولكنها لا يستقى منها لأن أهلها هلكوا . وقد وجد المسلمون في مسيرهم إلى تبوك بئاراً في ديار ثمود ونهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الشرب منها إلا بِئراً واحدة التي شربت منها ناقة صالح - عليه السلام - . والقصر المسكن المبني بالحجارة المجعول طباقاً . والمَشِيد المبنيّ بالشّيد ــــ بكسر الشين وسكون الياء ــــ وهو الجصّ وإنما يبنى به البناء من الحجر لأنّ الجصّ أشدّ من التراب فبشدة مسكه يطول بقاء الحجر الذي رُصّ به . والقصور المُشيّدة وهي المخلفة عن القرى التي أهلكها الله كثيرةٌ مثل قصر غُمدان في اليمن ، وقصور ثمود في الحِجْر ، وقصور الفراعنة في صعيد مصر ، وفي « تفسير القرطبي » يقال « إن هذه البئر وهذا القصر بحضرموت معروفان . ويقال إنها بئر الرّس وكانت في عدن وتسمى حضور ــــ بفتح الحاء ــــ . وكان أهلها بقية من المؤمنين بصالح الرسول - عليه السلام - . وكان صالح معهم ، وأنهم آل أمرهم إلى عبادة صنم وأن الله بعث إليهم حَنظلة بن صفوان رسولاً فنهاهم عن عبادة الصنم فقتلوه فغارت البئر وهلكوا عطشاً » . يريد أن هذه القرية واحدة من القرى المذكورة في هذه الآية وإلا فإن كلمة كأيّنْ تنافي إرادة قرية معيّنة . وقرأ الجمهور { أهلكناها } ــــ بنون العظمة ــــ وقرأه أبو عَمرو ويعقوب { أهلكتُها } ــــ بتاء المتكلم ــــ .