Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 1-1)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

افتتاح بديع لأنه من جوامع الكلم فإن الفلاح غاية كل ساع إلى عمله ، فالإخبار بفلاح المؤمنين دون ذكر متعلِّق بفعل الفلاح يقتضي في المقام الخطابي تعميم ما به الفلاح المطلوب ، فكأنه قيل قد أفلح المؤمنون في كل ما رغبوا فيه . ولما كانت همة المؤمنين منصرفة إلى تمكن الإيمان والعمَلِ الصالح من نفوسهم كان ذلك إعلاماً بأنهم نجحوا فيما تعلقت به هممهم من خير الآخرة وللحق من خيْر الدنيا ، ويتضمن بشارة برضى الله عنهم ووعداً بأن الله مكمل لهم ما يتطلبونه من خير . وأكد هذا الخبر بحرف قد الذي إذا دخل على الفعل الماضي أفاد التحقيق أي التوكيد ، فحرف قد في الجملة الفعلية يفيد مفاد إنّ واللام في الجملة الاسميَّة ، أي يفيد توكيداً قويّاً . ووجه التوكيد هنا أن المؤمنين كانوا مؤملين مثل هذه البشارة فيما سبق لهم من رجاء فلاحِهم كالذي في قوله { وافعلوا الخير لعلكم تفلحون } الحج 77 ، فكانوا لا يعرفون تحقق أنهم أتوا بما أرضى ربهم ويخافون أن يكونوا فرطوا في أسبابه وما علق عليه وعده إياهم ، بلْهَ أن يعرفوا اقتراب ذلك فلما أخبروا بأن ما ترجَّوه قد حصل حقق لهم بحرف التحقيق وبفعل المضي المستعمل في معنى التحقق . فالإتيان بحرف التحقيق لتنزيل ترقبهم إياه لفرط الرغبة والانتظار منزلة الشك في حصوله ، ولعل منه قد قامت الصلاة ، إشارة إلى رغبة المصلين في حلول وقت الصلاة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " أرِحْنَا بها يا بلال " وشأن المؤمنين التشوق إلى عبادتهم كما يشاهد في تشوق كثير إلى قيام رمضان . وحُذِف المتعلق للإشارة إلى أنهم أفلحوا فلاحاً كاملاً . والفلاح الظفَر بالمطلوب من عمل العامل ، وقد تقدم في أول البقرة . ونيط الفلاح بوصف الإيمان للإشارة إلى أنه السبب الأعظم في الفلاح فإن الإيمان وصف جامع للكمال لتفرع جميع الكمالات عليه .