Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 3-3)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
العطف من عطف الصفات لموصوف واحد كقول بعض الشعراء وهو من شواهد النحو @ إلى المَلِكِ القرْم وابنِ الهُمام وليث الكتيبة في المزدحم @@ وتكرير الصفات تقوية للثناء عليهم . والقول في تركيب جملة { هم عن اللغو معرضون } كالقول في { هم في صلاتهم خاشعون } المؤمنون 2 ، وكذلك تقديم { عن اللغو } على متعلقه . وإعَادَةُ اسم الموصول دون اكتفاء بعطف صلة على صلة للإشارة إلى أن كل صفة من الصفات موجبة للفلاح فلا يتوهم أنهم لا يفلحون حتى يجمعوا بين مضامين الصلاة كلها ، ولما في الإظهار في مقام الإضمار من زيادة تقرير للخبر في ذهن السامع . واللغو الكلام الباطل . وتقدم في قوله تعالى { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم } في البقرة 225 ، وقوله { لا يسمعون فيها لغواً } في سورة مريم 62 . والإعراض الصد أي عدم الإقبال على الشيء ، من العُرض ــــ بضم العين ــــ وهو الجانب ، لأن من يترك الشيء يوليه جانبه ولا يقبل عليه فيشمل الإعراضُ إعْرَاضَ السمع عن اللغو ، وتقدم عند قوله { فَأعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ } في سورة النساء 63 ، وقوله { وإذَا رَأيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ في آيَاتِنَا فَأعْرِضْ عَنْهُمْ } في سورة الأنعام 68 ، وأهمه الإعراض عن لغو المشركين عند سماع القرآن { وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغَوْا فِيهِ لعلكم تغلبون } فصلت 26 وقال تعالى { وإذا مَرّوا باللَّغْوِ مَرّوا كِراماً } الفرقان 72 . ويشمل الإعراض عن اللغو بالألسنة ، أي أن يَلْغُوا في كلامهم . وعقب ذكر الخشوع بذكر الإعراض عن اللغو لأن الصلاة في الأصْل الدعاء ، وهو من الأقوال الصالحة ، فكان اللغو مما يخطر بالبال عند ذكر الصلاة بجامع الضدية ، فكان الإعراض عن اللغو بمعنَيي الإعراض مما تقتضيه الصلاة والخشوع لأن من اعتاد القول الصالح تجنب القول الباطل ومن اعتاد الخشوع لله تجنب قول الزور ، وفي الحديث " إنّ العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم " . والإعراض عن جنس اللغو من خُلق الجِدِّ ومن تخلق بالجد في شؤونه كملت نفسه ولم يصدر منه إلاّ الأعمال النافعة ، فالجد في الأمور من خلق الإسلام كما أفصح عن ذلك قول أبي خراش الهذلي بذكر الإسلام @ وعاد الفتى كالكهل ليس بقائل سوى العَدل شيئاً فاستراح العواذل @@ والإعراض عنه يقتضي بالأولى اجتناب قول اللغو ويقتضي تجنب مجالس أهله . واعلم أن هذا أدب عظيم من آداب المعاملة مع بعض الناس وهم الطبقة غير المحترمة لأن أهل اللغو ليسوا بمرتبة التوقير ، فالإعراض عن لغوهم رَبْءٌ عن التسفل معهم .