Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 72-72)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أم عاطفة على { أم يقولون به جنة } المؤمنون 70 وهي للانتقال إلى استفهام آخر عن دواعي إعراضهم عن الرسول واستمرار قلوبهم في غمرة . والاستفهام المقدر هنا إنكاري ، أي ما تسألهم خرجاً فيعتذروا بالإعراض عنك لأجله شحاً بأموالهم . وهذا في معنى قوله تعالى { قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله } سبأ 47 على سبيل الفرض ، والتقدير إن كنتُ سألتكم أجراً فقد رددته عليكم فماذا يمنعكم من اتباعي . وقوله { أم تسألهم أجراً فهم من مَغرم مُثقلون } القلم 46 كل ذلك على معنى التهكم . وأصرح منهما قوله تعالى { قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى } الشورى 23 . وهذا الانتقال كان إلى غرض نفي أن يكون موجب إعراضهم عن دعوة الرسول جائياً من قِبله وتسببه بعد أن كانت الاستفهامات السابقة الثلاثة متعلقة بموجبات الإعراض الجائية من قبلهم ، فالاستفهام الذي في قوله { أم تسألهم خرجاً } إنكاري إذ لا يجوز أن يصدر عن الرسول ما يوجب إعراض المخاطبين عن دعوته فانحصرت تبعة الإعراض فيهم . والخرج العطاء المعيّن على الذوات أو على الأرضين كالإتاوة ، وأما الخراج فقيل هو مرادف الخرج وهو ظاهر كلام جمهور اللغويين . وعن ابن الأعرابي التفرقة بينهما بأن الخرج الإتاوة على الذوات والخراج الإتاوة على الأرضين . وقيل الخرج ما تبرع به المعطي والخراج ما لزمه أداؤه . وفي « الكشاف » والوجه أن الخرج أخص من الخراج يريد أن الخرج أعم كما أصلح عبارته صاحب « الفرائد » في نقل الطيبي كقولك خراج القرية وخرج الكردة زيادة اللفظ لزيادة المعنى ، ولذلك حسنت قراءة من قرأ { خرجاً فخراج ربك خير } يعني أم تسألهم على هدايتك لهم قليلاً من عطاء الخلق فالكثير من عطاء الخالق خير » اهــــ . وهذا الذي ينبغي التعويل عليه لأن الأصل في اللغة عدم الترادف . هذا وقد قرأ الجمهور { أم تسألهم خرجاً فخراج ربك خير } . وقرأ ابن عامر { خرجاً فخرج ربك } . وقرأ حمزة والكسائي وخلف { أم تسألهم خراجا فخراج ربك خير } . فأما قراءة الجمهور فتوجيهها على اعتبار ترادف الكلمتين أنها جرت على التفنن في الكلام تجنباً لإعادة اللفظ في غير المقام المقتضي إعادة اللفظين مع قرب اللفظين بخلاف قوله تعالى { قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله } سبأ 47 فإن لفظ أجر أعيد بعد ثلاثة ألفاظ . وأما على اعتبار الفرق الذي اختاره الزمخشري فتوجيهها باشتمالها على التفنن وعلى محسن المبالغة . وأما قراءة ابن عامر وحمزة والكسائي وخلف فتوجيهها على طريقة الترادف أنهما وردتا على اختيار المتكلم في الاستعمال مع محسن المزاوجة بتماثل اللفظين . ولا توجهان على طريقة الزمخشري . قال صاحب « الكشاف » ألزمهم الله الحجة في هذه الآيات أي قوله { أفلم يدبروا القول } المؤمنون 68 إلى هنا وقطع معاذيرهم وعللهم بأن الذي أرسل إليهم رجل معروف أمره وحاله ، مخبور سره وعلنه ، خليق بأن يجتبى مثله للرسالة من بين ظهرانيهم ، وأنه لم يُعْرَض له حتى يدّعي بمثل هذه الدعوى العظيمة بباطل ، ولم يجعل ذلك سلماً إلى النيل من دنياهم واستعطاء أموالهم ، ولم يدعهم إلا إلى دين الإسلام الذي هو الصراط المستقيم مع إبراز المكنون من أدوائهم وهو إخلالهم بالتدبر والتأمل . واستهتارهم بدين الآباء الضُّلاَّل من غير برهان ، وتعللهم بأنه مجنون بعد ظهور الحق وثبات التصديق من الله بالمعجزات والآيات النيرة ، وكراهتُهم للحق وإعراضهم عما فيه حظهم من الذكر » اهــــ . وجملة { وهو خير الرازقين } معترضة تكميلاً للغرض بالثناء على الله والتعريف بسعة فضله . ويفيد تأكيداً لمعنى { فخراج ربك خير } .