Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 16-16)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
عطف على جملة { لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون } النور 12 إلخ . وأعيدت لولا وشرطها وجوابها لزيادة الاهتمام بالجملة فلذلك لم يعطف { قلتم } الذي في هذه الجملة على { قلتم } الذي في الجملة قبلها لقصد أن يكون صريحاً في عطف الجمل . وتقديم الظرف وهو { إذ سمعتموه } على عامله وهو { قلتم ما يكون لنا } كتقديم نظيره في قوله { لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون } النور 12 إلخ وهو الاهتمام بمدلول الظرف . وضمير { سمعتموه } عائد إلى الإفك مثل الضمائر المماثلة له في الآيات السابقة . واسم الإشارة عائد إلى الإفك بما يشتمل عليه من الاختلاق الذي يتحدث به المنافقون والضعفاء ، فالإشارة إلى ما هو حاضر في كل مجلس من مجالس سماع الإفك . ومعنى { قلتم ما يكون لنا } أن يقولوا للذين أخبروهم بهذا الخبر الآفك . أي قلتم لهم زجراً وموعظة . وضمير { لنا } مراد به القائلون والمخاطبون . فأما المخاطبون فلأنهم تكلموا به حين حدثوهم بخبر الإفك . والمعنى ما يكون لكم أن تتكلموا بهذا ، وأما المتكلمون فلتنزههم من أن يجري ذلك البهتان على ألسنتهم . وإنما قال { ما يكون لنا أن نتكلم بهذا } دون أن يقول ليس لنا أن نتكلم بهذا ، للتنبيه على أن الكلام في هذا وكينونة الخوض فيه حقيق بالانتفاء . وذلك أن قولك ما يكون لي أن أفعل ، أشد في نفي الفعل عنك من قولك ليس لي أن أفعل . ومنه قوله تعالى حكاية عن عيسى عليه السلام { قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق } المائدة 116 . وهذا مسوق للتوبيخ على تناقلهم الخبر الكاذب وكان الشأن أن يقول القائل في نفسه ما يكون لنا أن نتكلم بهذا ، ويقول ذلك لمن يجالسه ويسمعه منه . فهذا زيادة على التوبيخ على السكوت عليه في قوله تعالى { وقالوا هذا إفك مبين } النور 12 . و { سبحانك } جملة إنشاء وقعت معترضة بين جملة { ما يكون لنا أن نتكلم بهذا } وجملة { هذا بهتان عظيم } . و { سبحانك } مصدر وقع بدلاً من فعله ، أي نسبح سبحاناً لك . وإضافته إلى ضمير الخطاب من إضافة المصدر إلى مفعوله ، وهو هنا مستعار للتعجب كما تقدم عند قوله تعالى { سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً } الإسراء 1 وقوله { وسبحان الله وما أنا من المشركين } في سورة يوسف 108 . والأحسن أن يكون هنا لإعلان المتكلم البراءة من شيء بتمثيل حال نفسه بحال من يشهد الله على ما يقول فيبتدىء بخطاب الله بتعظيمه ثم بقول { هذا بهتان عظيم } تبرّئاً من لازم ذلك وهو مبالغة في إنكار الشيء والتعجب من وقوعه . وتوجيه الخطاب إلى الله في قوله { سبحانك } للإشعار بأن الله غاضب على من يخوض في ذلك فعليهم أن يتوجهوا لله بالتوبة منه لمن خاضوا فيه وبالاحتراز من المشاركة فيه لمن لم يخوضوا فيه . وجملة { هذا بهتان عظيم } تعليل لجملة { ما يكون لنا أن نتكلم بهذا } فهي داخلة في توبيخ المقول لهم . ووصف البهتان بأنه { عظيم } معناه أنه عظيم في وقوعه ، أي بالغ في كنه البهتان مبلغاً قوياً . وإنما كان عظيماً لأنه مشتمل على منكرات كثيرة وهي الكذب ، وكون الكذب يطعن في سلامة العرض ، وكونه يسبب إحناً عظيمة بين المفترين والمفترى عليهم بدون عذر ، وكون المفترى عليهم من خيرة الناس وانتمائهم إلى أخير الناس من أزواج وآباء وقرابات ، وأعظم من ذلك أنه اجتراء على مقام النبي صلى الله عليه وسلم ومقام أم المؤمنين رضي الله عنها . والبهتان مصدر مثل الكفران والغفران . والبهتان الخبر الكذب الذي يُبهت السامع لأنه لا شبهة فيه . وقد مضى عند قوله تعالى { وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً } في سورة النساء 156 .