Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 15-16)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الأمر بالقول يقتضي مخاطباً مقولاً له ذلك فيجوز أن يقصد قل لهم ، أي للمشركين الذين يسمعون الوعيد والتهديد السابق « أذلك خير أم الجنة » ؟ فالجمل متصلة السياق ، والاستفهام حينئذٍ للتهكم إذ لا شبهة في كون الجنة الموصوفة خيراً . ويجوز أن يقصد قل للمؤمنين ، فالجملة معترضة بين آيات الوعيد لمناسبة إبداء البون بين حال المشركين وحال المؤمنين ، والاستفهام حينئذٍ مستعمل في التلميح والتلطف . وهذا كقوله { أذلك خيرٌ نُزُلاً أم شجرةُ الزقوم } في سورة الصافات 62 . والإشارة إلى المكان الضيق في جهنم . و { خير } اسم تفضيل ، وأصله أخير بوزن اسم التفضيل فحذفت الهمزة لكثرة الاستعمال . والتفضيل على المحمل الأول في موقع الآية مستعمل للتهكم بالمشركين . وعلى المحمل الثاني مستعمل للتلميح في خطاب المؤمنين وإظهار المنة عليهم . ووصف الموعودين بأنهم متقون على المحمل الأول جار على مقتضى الظاهر ، وعلى المحمل الثاني جار على خلاف مقتضى الظاهر لأن مقتضى الظاهر أن يؤتى بضمير الخطاب ، فوجه العدول إلى الإظهار ما يفيده { المتقون } من العموم للمخاطبين ومن يجيء بعدهم . وجملة { كانت لهم جزاء ومصيراً } تذييل لجملة { جنة الخلد التي وعد المتقون } لما فيها من التنويه بشأن الجنة بتنكير { جزاء ومصيراً } مع الإيماء إلى أنهم وعدوا بها وعد مجازاة على نحو قوله تعالى { نعم الثواب وحسنت مرتفقاً } الكهف 31 وقوله { بئس الشراب وساءت مرتفقاً } في سورة الكهف 31 29 . وجملة { لهم فيها ما يشاؤون } ، حال من { جنة الخلد } أو صفة ثانية . وجملة { كان على ربك وعداً مسئولاً } حال ثانية والرابط محذوف إذ التقدير وعداً لهم . والضمير المستتر في { كان على ربك وعداً } عائد إما إلى الوعد المفهوم من قوله { التي وعد المتقون } ، أي كان الوعد وعداً مسؤولاً وأخبر عن الوعد بـ { وعداً } وهو عينه ليبنى عليه { مسئولاً } . ويجوز أن يعود الضمير إلى { ما يشاءون } والإخبار عنه بـ { وعداً } من الإخبار بالمصدر والمراد المفعول كالخلق بمعنى المخلوق . ويتعلق { على ربك } بـ { وعداً } لتضمين { وعداً } معنى حقّاً لإفادة أنه { وعداً } لا يخلف كقوله تعالى { وعداً علينا إنا كنا فاعلين } الأنبياء 104 . والمسؤول الذي يسأله مستحقه ويطالب به ، أي حقّاً للمتقين أن يترقبوا حصوله كأنه أجر لهم عن عمل . وهذا مسوق مساق المبالغة في تحقيق الوعد والكرم كما يشكرك شاكر على إحسان فتقول ما أتيت إلا واجباً ، إذ لا يتبادر هنا غير هذا المعنى ، إذ لا معنى للوجوب على الله تعالى سوى أنه تفضل وتعهد به ، ولا يختلف في هذا أهل الملة وإنما اختلفوا في جواز إخلاف الوعد .