Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 38-39)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
انتصبت الأسماء الأربعة بفعل محذوف دل عليه { تبرنا } . وفي تقديمها تشويق إلى معرفة ما سيخبر به عنها . ويجوز أن تكون هذه الأسماء منصوبة بالعطف على ضمير النصب من قوله { فدمرناهم تدميراً } الفرقان 36 . وتنوين { عاداً وثموداً } مع أن المراد الأمتان . فأما تنوين { عاداً } فهو وجه وجيه لأنه اسم عري عن علامة التأنيث وغيرُ زائد على ثلاثة أحرف فحقه الصرف . وأما صَرْف { ثموداً } في قراءة الجمهور فعلى اعتبار اسم الأب ، والأظهر عندي أن تنوينه للمزاوجة مع { عَاداً } كما قال تعالى { سَلاَسِلاً وأَغْلاَلاً وسعيراً } الإنسان 4 . وقرأه حمزة وحفص ويعقوب بغير تنوين على ما يقتضيه ظاهر اسم الأمة من التأنيث المعنوي . وتقدم ذكر عاد في سورة الأعراف . وأما { أصحاب الرسّ } فقد اختلف المفسرون في تعيينهم واتفقوا على أن الرسّ بئر عظيمة أو حفير كبير . ولما كان اسماً لنوع من أماكن الأرض أطلقه العرب على أماكن كثيرة في بلاد العرب . قال زهير @ بكَرْنَ بُكُوراً واستحرْنَ بسَحرة فهنّ ووادِي الرسّ كاليد للفم @@ وسمّوا بالرّسّ ما عرفوه من بلاد فارس ، وإضافة { أصحاب } إلى { الرس } إما لأنهم أصابهم الخسف في رسّ ، وإما لأنهم نازلون على رسّ ، وإما لأنهم احتفروا رسّاً ، كما سمي أصحاب الأخدود الذين خدّوه وأضرموه . والأكثر على أنه من بلاد اليمامة ويسمى « فَلَجا » . واختلف في المعنيّ من { أصحاب الرس } في هذه الآية فقيل هم قوم من بقايا ثمود . وقال السهيلي هم قوم كانوا في عَدن أُرسل إليهم حنظلة بن صفوان رسولاً . وكانت العنقاء وهي طائر أعظم ما يكون من الطير سميت العنقاء لطول عنقها وكانت تسكن في جبل يقال له « فتح » ، وكانت تنقضّ على صبيانهم فتخطفهم إن أعوزها الصيد فدعا عليها حنظلة فأهلكها الله بالصواعق . وقد عبدوا الأصنام وقتلوا نبيهم فأهلكهم الله . قال وهب بن منبه خسف بهم وبديارهم . وقيل هم قوم شعيب . وقيل قوم كانوا مع قوم شعيب ، وقال مقاتل والسدّي الرسّ بئر بأنطاكية ، وأصحاب الرسّ أهل أنطاكية بُعث إليهم حبيب النجّار فقتلوه ورسُّوه في بئر وهو المذكور في سورة يس 20 { وجاء من أقصا المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين } الآيات . وقيل الرس وادٍ في أذربيجان في أرَّان يخرج من قاليقَلا ويصب في بحيرة جُرجان ولا أحسب أنه المراد في هذه الآية . ولعله من تشابه الأسماء يقال كانت عليه ألف مدينة هلكت بالخسف ، وقيل غير ذلك مما هو أبعد . والقرون الأمم فإن القرن يطلق على الأمة ، وقد تقدم عند قوله تعالى { ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن } في أول الأنعام 6 . وفي الحديث " خير القرون قرني ثم الذين يلونهم الحديث " والإشارة في قوله { بين ذلك } إلى المذكور من الأمم . ومعنى { بين ذلك } أن أُمَماً تخللت تلك الأقوام ابتداءً من قوم نوح . وفي هذه الآية إيذان بطولِ مُدَد هذه القرون وكثرتها . والتنوين في { كُلاًّ } تنوين عوض عن المضاف إليه . والتقدير وكلَّهم ضربنا له الأمثال وانتصب { كُلاّ } الأول بإضمار فعل يدل عليه { ضربنا له } تقديره خاطبنا أو حذَّرنا كُلاًّ وضربنا له الأمثال ، وانتصب { كُلاًّ } الثاني بإضمار فعل يدل عليه { تبرنا } وكلاهما من قبيل الاشتغال . والتتبير التفتيت للأجسام الصلبة كالزجَاج والحديد . أطلق التتبير على الإهلاك على طريقة الاستعارة تبعيةً في { تبرنا } وأصلية في { تتبيراً } ، وتقدم في قوله تعالى { إن هؤلاء متبّر ما هم فيه } في سورة الأعراف 139 ، وقوله { وليُتَبِّروا ما علَوْا تتبيراً } في سورة الإسراء 7 . وانتصب { تتبيراً } على أنه مفعول مطلق مؤكد لعامله لإفادة شدة هذا الإهلاك . ومعنى ضرب الأمثال قولها وتبيينها وتقدم عند قوله تعالى { إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما } في سورة البقرة 26 . والمَثَل النظير والمشابه ، أي بيّنا لهم الأشباه والنظائر في الخير والشر ليعرضوا حال أنفسهم عليها . قال تعالى { وسَكَنْتُم في مَساكِن الذين ظَلَموا أنفسهم وتبيّن لكم كيف فعَلْنا بهم وضربنا لكم الأمثال } إبراهيم 45 .