Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 72-72)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أتبع خصال المؤمنين الثلاث التي هي قِوام الإيمان بخصال أخرى من خصالهم هي من كمال الإيمان ، والتخلق بفضائله ، ومجانبة أحوال أهل الشرك . وتلك ثلاث خصال أولاها أفصح عنه قوله هنا { والذين لا يشهدون الزور } الآية . وفعل شهد يستعمل بمعنى حضر وهو أصل إطلاقه كقوله تعالى { فمن شَهِد منكم الشهر فلْيَصُمْه } البقرة 185 ، ويستعمل بمعنى أخبر عن شيء شهده وعلمه كقوله تعالى { وشَهد شاهد من أهلها } يوسف 26 . والزور الباطل من قول أو فعل وقد غلب على الكذب . وقد تقدم في أول السورة فيجوز أن يكون معنى الآية أنهم لا يحضرون محاضر الباطل التي كان يحضرها المشركون وهي مجالس اللهو والغناء والغيبة ونحوها ، وكذلك أعياد المشركين وألعابهم ، فيكون الزور مفعولاً به لــــ { يشهدون } . وهذا ثناء على المؤمنين بمقاطعة المشركين وتجنبهم . فأما شهود مواطن عبادة الأصنام فذلك قد دخل في قوله { والذين لا يَدعون مع الله إلهاً آخر } الفرقان 68 . وفي معنى هذه الآية قوله في سورة الأنعام 68 { وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسِيَنَّك الشيطانُ فلا تقْعُد بعد الذكرى مع القوم الظالمين } ويجوز أن يكون فعل { يشهدون } بمعنى الإخبار عما علموه ويكون الزور منصوباً على نزع الخافض ، أي لا يشهدون بالزور أو مفعولاً مطلقاً لبيان نوع الشهادة ، أي لا يشهدون شهادة هي زور لا حَقٌ . وقوله { وإذا مروا باللغو مروا كراماً } مناسب لكلا الجملتين . واللغو الكلام العبث والسفه الذي لا خير فيه . وتقدم في قوله تعالى { لا يسمعون فيها لغواً } في سورة مريم 62 . ومعنى المرور به المرور بأصحابه اللاغين في حال لغوهم ، فجعل المرور بنفس اللغو للإشارة إلى أن أصحاب اللغو متلبسون به وقت المرور . ومعنى { مروا كراماً } أنهم يمرون وهم في حال كرامة ، أي غير متلبسين بالمشاركة في اللغو فيه فإن السفهاء إذا مروا بأصحاب اللغو أنِسُوا بهم ووقفوا عليهم وشاركوهم في لغوهم فإذا فعلوا ذلك كانوا في غير حال كرامة . ٍ والكرامة النزاهة ومحاسن الخلال ، وضدها اللؤم والسفالة . وأصل الكرامة أنها نفاسة الشيء في نوعه قال تعالى { أنبتنا فيها من كل زوج كريم } الشعراء 7 . وقال بعض شعراء حمير في « الحماسة » @ ولا يَخيم اللقاءَ فارسُهم حتى يشقَّ الصفوف مِن كَرمه @@ أي شجاعته ، وقال تعالى { وأعد لهم أجراً كريماً } الأحزاب 44 . وإذا مر أهل المروءَة على أصحاب اللغو تنزهوا عن مشاركتهم وتجاوزوا ناديهم فكانوا في حال كرامة ، وهذا ثناء على المؤمنين بترفّعهم على ما كانوا عليه في الجاهلية كقوله تعالى { وذرِ الذين اتّخذوا دينَهم لعباً ولهواً } الأنعام 70 ، وقوله { وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين } القصص 55 . وإعادة فعل { مروا } لبناء الحال عليه ، وذلك من محاسن الاستعمال ، كقول الأحوص @ فإذَا تزول تزولُ عن متخمّط تُخشى بوادره على الأقران @@ ومنه قوله تعالى { ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا } القصص 63 كما ذكره ابن جنّي في « شرح مشكل أبيات الحماسة » ، وقد تقدم عند قوله تعالى { صراط الذين أنعمت عليهم } الفاتحة 7 .