Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 26, Ayat: 185-188)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

نفوا رسالته عن الله كناية وتصريحاً فزعموه مسحوراً ، أي مختل الإدراك والتصورات من جرّاء سحر سُلط عليه . وذلك كناية عن بطلان أن يكون ما جاء به رسالة عن الله . وفي صيغة { من المسحّرين } من المبالغة ما تقدم في قوله { من المرجومين } الشعراء 116 { من المسحَّرين } الشعراء 153 { من المخرجين } الشعراء 167 . والإتيانُ بواو العطف في قوله { وما أنت إلا بشر مثلنا } يجعل كونه بشراً إبطالاً ثانياً لرسالته . وترك العطف في قصة ثمود يجعل كونه بشراً حجة على أن ما يصدر منه ليس وحياً على الله بل هو من تأثير كونه مسحوراً . فمآل معنيي الآيتين متّحد ولكن طريق إفادته مختلف وذلك على حسب أسلوب الحكايتين . وأطلق الظن على اليقين في { وإن نظنك لمن الكاذبين } وهو إطلاق شائع كقوله { الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم } البقرة 46 ، وقرينته هنا دخول اللام على المفعول الثاني لــــظَنَّ لأن أصلها لام قسم . و { إنْ } مخففة من الثقيلة ، واللام في { لَمِن الكاذبين } اللامُ الفارقة ، وحقها أن تدخل على ما أصله الخبر فيقال هنا مثلاً وإن أنت لَمن الكاذبين ، لكن العرب توسعوا في المخففة فكثيراً ما يدخلونها على الفعل الناسخ لشدة اختصاصه بالمبتدأ والخبَر فيجتمع في الجملة حينئذ ناسخان مثل قوله تعالى { وإن كانت لكبيرة } البقرة 143 وكان أصل التركيب في مثله ونظنّ أنك لمن الكاذبين ، فوقع تقديم وتأخير لأجل تصدير حرف التوكيد لأن إنّ وأخواتها لها صدر الكلام ما عدا أنّ المفتوحة . وأحسب أنهم ما يخفّفون إنّ إلا عند إرادة الجمع بينها وبين فعل من النواسخ على طريقة التنازع ، فالذي يقول إنْ أظنك لخائفاً ، أراد أن يقول أظن إنَّك لخائف ، فقدم إنَّ وخففها وصيّر خبرها مفعولاً لفعل الظن ، فصار إنْ أظنّك لخائفاً ، والكوفيون يجعلون { إنْ } في مثل هذا الموقع حرف نفي ويجعلون اللام بمعنى إلاَّ . والأمر في { فأسقط } أمر تعجيز . والكِسْف بكسر الكاف وسكون السين في قراءة من عدا حفصاً القطعة من الشيء . وقال في « الكشاف » هو جمع كِسْفة مثل قِطْع وسِدْر . والأول أظهر ، قال تعالى { وإن يروا كسفاً من السماء ساقطاً } الطور 44 . وقرأ حفص { كِسَفاً } بكسر الكاف وفتح السين على أنه جمع كسف كما في قوله { أو تُسْقِطَ السماء كما زعمت علينا كِسَفاً } ، وقد تقدم في سورة الإسراء 92 . وقولهم { إن كنتَ من الصادقين } كقول ثمود { فأتتِ بآية إنْ كنتَ من الصادقين } الشعراء 154 إلا أنّ هؤلاء عينوا الآية فيحتمل أن تعيينها اقتراح منهم ، ويحتمل أن شعيباً أنذرهم بكِسف يأتي فيه عذاب . وذلك هو يوم الظّلّة المذكور في هذه الآية ، فكان جواب شعيب بإسناد العلم إلى الله فهو العالم بما يستحقونه من العذاب ومقداره . و { أعلم } هنا مبالغة في العالم وليس هو بتفضيل .