Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 26, Ayat: 217-220)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وعطف الأمر بالتوكل بفاء التفريع في قراءة نافع وابن عامر وأبي جعفر فيكون تفريعاً على { فقل إني بريء مما تعملون } الشعراء 216 تنبيهاً على المبادرة بالعوذ من شر أولئك الأعداء وتنصيصاً على اتصال التوكل بقوله { إني بريء } . وقرأ الجمهور { وتَوكل } بالواو وهو عطف على جواب الشرط ، أي قل إني بريء وتوكل ، وعطفه على الجواب يقتضي تسببه على الشرط كتسبب الجواب وهو يستلزم البدار به ، فمآل القراءتين واحد وإن اختلف طريق انتزاعه . والمعنى فإن عصاك أهل عشيرتك فتبرأ منهم . ولما كان التبرؤ يؤذن بحدوث مجافاة وعداوة بينه وبينهم ثبَّت الله جأش رسوله بأن لا يعبأ بهم وأن يتوكل على ربه فهو كافيه كما قال { ومن يتوكل على الله فهو حسبه } الطلاق 3 . وعلق التوكل بالاسمين { العزيز الرحيم } وما تبعهما من الوصف بالموصول وما ذيل به من الإيماء إلى أنه يُلاحظ قوله ويعلم نيتَه ، إشارة إلى أن التوكل على الله يأتي بما أومأت إليه هذه الصفات ومستتبعاتها بوصف { العزيز الرحيم } للإشارة إلى أنه بعزته قادر على تغلبه على عدوّه الذي هو أقوى منه ، وأنه برحمته يعصمه منهم . وقد لوحظ هذان الاسمان غير مرة في هذه السورة لهذا الاعتبار كما تقدم . والتوكل تفويض المرء أمره إلى من يكفيه مهمه ، وقد تقدم عند قوله تعالى { فإذا عزمت فتوكّل على الله } في سورة آل عمران 159 . ووصفه تعالى بـــ { الذي يراك حين تقوم } مقصود به لازم معناه . وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم بمحل العناية منه لأنه يعلم توجهه إلى الله ويقبل ذلك منه ، فالمراد من قوله { يَراك } رؤيةٌ خاصة وهي رؤية الإقبال والتقبل كقوله { فإنك بأعيننا } الطور 48 . والقيام الصلاة في جوف الليل ، غلب هذا الاسم عليه في اصطلاح القرآن ، والتقلب في الساجدين هو صلاته في جماعات المسلمين في مسجده . وهذا يجمع معنى العناية بالمسلمين تبعاً للعناية برسولهم ، فهذا من بركته صلى الله عليه وسلم وقد جمعها هذا التركيب العجيب الإيجاز . وفي هذه الآية ذكر صلاة الجماعة . قال مقاتل لأبي حنيفة هل تجد الصلاة في الجماعة في القرآن ؟ فقال أبو حنيفة لا يحضرني فتلاَ مقاتل هذه الآية . وموقع { إنه هو السميع العليم } موقع التعليل للأمر بــــ { فقل إني بريء مما تعملون } الشعراء 216 ، وللأمر بــــ { توكل على العزيز الرحيم } ، فصفة { السميع } مناسبة للقول ، وصفة { العليم } مناسبة للتوكل ، أي أنه يسمع قولك ويعلم عزمك . وضمير الفصل في قوله { هو السميع العليم } للتقوية .