Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 32-32)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

سألتْهم إبداء آرائهم ماذا تعمل تجاه دعوة سليمان . والجملة مستأنفة استئنافاً بيانياً مثل التي قبلها . والإفتاء الإخبار بالفَتوى وهي إزالة مشكل يعرض . وقد تقدمت عند قوله تعالى { قُضي الأمر الذي فيه تستفتيان } في سورة يوسف 41 . والأمر الحال المهم ، وإضافته إلى ضميرها لأنها المخاطبة بكتاب سليمان ولأنها المضطلعة بما يجب إجراؤه من شؤون المملكة وعليها تبعة الخطأ في المنهج الذي تسلكه من السياسة ، ولذلك يقال للخليفة وللملك وللأمير ولعالم الدين وَليُّ الأمر . وبهذه الثلاثة فُسِّر قوله تعالى { يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } النساء 59 . وقال الراعي يخاطب عبد الملك بن مروان @ أَوَليَّ أمرِ اللَّه إنا مَعشر حُنفاء نسجد بكرة وأصيلاً @@ فهذا معنى قولهم لها { والأمرُ إليك } النمل 33 . وقد أفادت إضافة { أمري } تعريفاً ، أي في الحادثة المعيَّنة . ومعنى { قاطعة أمراً } عاملةً عملاً لا تردد فيه بالعزم على ما تجيب به سليمان . وصيغة { كنت قاطعة } تؤذن بأن ذلك دأبها وعادتها معهم ، فكانت عاقلة حكيمة مستشيرة لا تخاطر بالاستبداد بمصالح قومها ولا تعرِّض ملكها لمهاوي أخطاء المستبدين . والأمر في { ما كنت قاطعة أمراً } هو أيضاً الحال المهم ، أي أنها لا تقضي في المهمات إلا عن استشارتهم . و { تَشهدون } مضارع شَهِد المستعمل بمعنى حَضر كقوله تعالى { فمن شهد منكم الشهر } البقرة 185 ، أي حتى تَحْضُرون . وشهد هذا يتعدى بنفسه إلى كل ما يحضر فاعل الفعل عنده من مكان وزمان واسم ذات ، وذلك تعدّ على التوسع لكثرته ، وحق الفعل أن يُعدى بحرف الجر أو يعلق به ظرف . يقال شهد عند فلان وشهد مجلس فلان . ويقال شهد الجمعة . وفعل { تشهدون } هنا مستعمل كناية عن المشاورة لأنها يلزمها الحضور غالباً إذ لا تقع مشاورة مع غائب . والنون في { تشهدون } نون الوقاية وحذفت ياء المتكلم تخفيفاً وألقيت كسرة النون المجتلبة لوقاية الحرف الأخير من الفعل عن أن يكون مكسوراً ، ونون الوقاية دالة على المحذوف . وقرأه الجمهور بحذف الياء وصلاً ووقفاً . وقرأ يعقوب بإثبات الياء وصلاً ووقفاً . وفي قولها { حتى تشهدون } كناية عن معنى توافقوني فيما أقطعه ، أي يصدر منها في مقاطع الحقوق والسياسة إما بالقول كما جرى في هذه الحادثة ، وإما بالسكوت وعدم الإنكار لأن حضور المعدود للشورى في مكان الاستشارة مغن عن استشارته إذ سكوته موافقة . ولذلك قال فقهاؤنا إن على القاضي إذا جلس للقضاء أن يقضي بمحضر أهل العلم ، أو مشاورتهم . وكان عثمان يقضي بمحضر أهل العلم وكان عُمر يستشيرهم وإن لم يَحضروا . وقال الفقهاء إن سكوتهم مع حضورهم تقرير لحكمه . وليس في هذه الآية دليل على مشروعية الشورى لأنها لم تحك شَرعاً إلهياً ولا سيق مساق المدح ، ولكنه حكاية ما جَرى عند أمة غير متدينة بوحي إلهي غير أن شأن القرآن فيما يذكره من القَصص أن يذكر المهم منها للموعظة أو للإسوة كما قدمناه في المقدمة السابعة . فلذلك يستروح من سياق هذه الآية حسن الشورى . وتقدم ذكر الشورى في سورة آل عمران .