Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 73-73)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

تصريح بنعمة تعاقب الليل والنهار على الناس بقوله { لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله } ، وذلك مما دلت عليه الآية السابقة بطريق الإدماج بقوله { يأتيكم } القصص 71 وبقوله { تسكنون فيه } القصص 72 كما تقدم آنفاً . وجملة { جعل لكم الليل والنهار } الخ معطوفة على جملة { أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمداً } القصص 71 . و { من } تبعيضية فإن رحمة الله بالناس حقيقة كلية لها تحقق في وجود أنواعها وآحادها العديدة ، والمجرور بــــ { من } يتعلق بفعل { جعل لكم الليل } ، وكذلك يتعلق به { لكم } ، والمقصود إظهار أن هذا رحمة من الله وأنه بعض من رحمته التي وسعت كل شيء ليتذكروا بهما نعماً أخرى . وقدم المجرور بــــ { من رحمته } على عامله للاهتمام بمنة الرحمة . وقد سلك في قوله { لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله } طريقة اللف والنشر المعكوس فيعود { لتسكنوا فيه } إلى الليل ، ويعود { ولتبتغوا من فضله } إلى النهار ، والتقدير ولتبتغوا من فضله فيه ، فحذف الضمير وجاره إيجازاً اعتماداً على المقابلة . والابتغاء من فضل الله كناية عن العمل والطلب لتحصيل الرزق قال تعالى { وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله } المزمل 20 . والرزق فضل من الله . وتقدم في قوله تعالى { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم } في سورة البقرة 198 . ولام { لتسكنوا } ولام { ولتبتغوا } للتعليل ، ومدخولاهما علتان للجعل المستفاد من فعل { جعل } . وعُطف على العلتين رجاء شكرهم على هاتين النعمتين اللتين هما من جملة رحمته بالناس فالشأن أن يتذكروا بذلك مظاهر الرحمة الربانية وجلائل النعم فيشكروه بإفراده بالعبادة . وهذا تعريض بأنهم كفروا فلم يشكروا . وقرأ الجمهور { أرأيتم } القصص 71 بألف بعد الراء تخفيفاً لهمزة رأى . وقرأ الكسائي بحذف الهمزة زيادة في التخفيف وهي لغة .