Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 84-84)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

تتنزل جملة { من جاء بالحسنة } منزلة بدل الاشتمال لجملة { والعاقبة للمتقين } القصص 83 لأن العاقبة ذات أحوال من الخير ودرجات من النعيم وهي على حسب ما يجيء به المتقون من الحسنات فتفاوت درجاتهم بتفاوتها . وفي اختيار فعل { جاء } في الموضعين هنا إشارة إلى أن المراد من حضر بالحسنة ومن حضر بالسيئة يوم العرض على الحساب . ففيه إشارة إلى أن العبرة بخاتمة الأمر وهي مسألة الموافاة . وأما اختيار فعل { عملوا } في قوله { الذين عملوا السيئات } فلما فيه من التنبيه على أن عملهم هو علة جزائهم زيادة في التنبيه على عدل الله تعالى . ومعنى { فله خير منها } أن كل حسنة تحتوي على خير لا محالة يصل إلى نفس المحسن أو إلى غيره فللجائي بالحسنة خيرٌ أفضل مما في حسنته من الخير ، أو فله من الله إحسان عليها خير من الإحسان الذي في الحسنة قال تعالى في آيات أخرى { فله عشر أمثالها } الأنعام 160 أي فله من الجزاء حسنات أمثالها وهو تقدير يعلمه الله . ولما ذكر جزاء الإحسان أعقب بضد ذلك مع مقابلة فضل الله تعالى على المحسن بعدله مع المسيء على عادة القرآن من قرن الترغيب بالترهيب . و { من جاء بالسيئة } ما صدقه الذين عملوا السيئات ، و { الذين عملوا السيئات } الثاني هو عين { من جاء بالسيئة } فكان المقام مقام الإضمار بأن يقال ومن جاء بالسيئة فلا يُجزَوْن الخ ولكنه عدل عن مقتضى الظاهر لأن في التصريح بوصفهم بــــ { عملوا السيئات } تكريراً لإسناد عمل السيئات إليهم لقصد تهجين هذا العمل الذميم وتبغيض السيئة إلى قلوب السامعين من المؤمنين . وفي قوله { إلا ما كانوا يعملون } استثناء مفرغ عن فعل { يُجزَى } المنفي المفيد بالنفي عموم أنواع الجزاء ، والمستثنى تشبيه بليغ ، أي جزاء شبه الذي كانوا يعملونه . والمراد المشابهة والمماثلة في عرف الدين ، أي جزاء وفاقاً لما كانوا يعملون وجارياً على مقداره لا حيف فيه وذلك موكول إلى العلم الإلهي .