Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 113-114)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

استئناف قصد به إنصاف طائفة من أهل الكتاب ، بعد الحكم على معظمهم بصيغة تعمّهم ، تأكيداً لِما أفاده قولُه { منهم المؤمنون وأكثرُهم الفاسقون } آل عمران 110 فالضمير في قوله { ليسوا } لأهل الكتاب المتحدّث عنهم آنفاً ، وهم اليهود ، وهذه الجملة تتنزّل من التي بعدها منزلة التمهيد . و سواء اسم بمعنى المماثل وأصله مصدر مشتق من التسوية . وجملة { من أهل الكتاب أمصة قائمة } الخ … مبيّنة لإبهام { ليسوا سواء } والإظهار في مقام الإضمار للاهتمام بهؤلاء الأمة ، فلأمّة هنا بمعنى الفريق . وإطلاق أهل الكتاب عليهم مجاز باعتبار ما كان كقوله تعالى { وآتوا اليتامى أموالهم } النساء 2 لأنهم صاروا من المسلمين . وعدل عن أن يقال منهم أمَّة قائمة إلى قوله من أهل الكتاب ليكون ذا الثناء شاملاً لصالحي اليهود ، وصالحي النَّصارى ، فلا يختصّ بصالحي اليهود ، فإن صالحي اليهود قبل بعثة عيسى كانوا متمسّكين بدينهم ، مستقيمين عليه ، ومنهم الَّذين آمنوا بعيسى واتّبعوه ، وكذلك صالحو النَّصارى قبل بعثة محمّد صلى الله عليه وسلم كانوا مستقيمين على شريعة عيسى وكثير منهم أهل تهجَّد في الأديرة والصّوامع وقد صاروا مسلمين بعد البعثة المحمدية . والأمَّة الطائفة والجماعة . ومعنى قائمة أنه تمثيل للعمل بدينها على الوجه الحقّ ، كما يقال سوق قائمة وشريعة قائمة . والآناء أصله أأنْاء بهمزتين بوزن أفعال ، وهو جمع إنى ـــ بكسر الهمزة وفتح النُّون مقصوراً ـــ ويقال أنى ـــ بفتح الهمزة ـــ قال تعالى { غير ناظرين إنَاه } الأحزاب 53 أي منتظرين وقته . وجملة { وهم يسجدون } حال ، أيّ يتهجّدون في الليَّل بتلاوة كتابهم ، فقيّدت تلاوتهم الكتاب بحالة سجودهم . وهذا الأسلوب أبلغ وأبين من أن يقال يتهجّدون لأنّه يدلّ على صورة فعلهم . ومعنى { يسارعون في الخيرات } يسارعون إليها أي يرغبون في الاستكثار منها . والمسارعة مستعارة للاستكثار من الفعل ، والمبادرة إليه ، تشبيهاً للاستكثار والأعتنار بالسير السريع لبلوغ المطلوب . وفي للظرفية المجازية ، وهي تخييلية تؤذن بتشبيه الخيرات بطريق يسير فيه السائرون ، ولهؤلاء مزيّة السرعة في قطعه . ولَك أن تجعل مجموع المركّب من قوله { ويسارعون في الخيرات } تمثيلاً لحال مبادرتهم وحرصهم على فعل الخيرات بحال السائر الراغب في البلوغ إلى قصده يُسرع في سيره . وسيأتي نظيره عند قوله تعالى { لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر } في سورة العقود 176 . والإشارة بأولئك إلى الأمّة القائمة الموصوفة بتلك الأوصاف . وموقع اسم الإشارة التنبيه على أنَّهم استحقوا الوصف المذكور بعد اسم الإشارة بسبب ما سبق اسمّ الإشارة من الأوصاف .