Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 120-120)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

زاد الله كشفا لِما في صدورهم بقوله { إن تمسسكم حسنة تسؤهم } أي تصبكم حسنة والمسّ الإصابة ، ولا يختصّ أحدهما بالخير والآخر بالشرّ ، فالتَّعبير بأحدهما في جانب الحسنة ، وبالآخر في جانب السيِّئة ، تفنّن ، وتقدّم عند قوله تعالى { الذي يتخبطه الشيطان من المس } في سورة البقرة 275 . والحسنة والسيِّئة هنا الحادثة أو الحالة الَّتي تحسن عند صاحبها أو تسوء وليس المراد بهما هنا الاصطلاح الشَّرعي . أرشد الله المؤمنين إلى كيفية تلقّي أذى العدوّ بأن يتلقّوه بالصّبر والحذر ، وعبّر عن الحذر بالاتّقاء أي اتّقاء كيدهم وخداعهم ، وقوله { لا يَضِركم كيدهم شيئاً } أي بذلك ينتفي الضرّ كلّه لأنّه أثبت في أوّل الآيات أنّهم لا يضرّون المؤمنين إلاّ أذى ، فالأذى ضرّ خفيف ، فلمَّا انتفى الضرّ الأعظم الَّذي يحتاج في دفعه إلى شديدِ مقاومة من القتال وحراسة وإنفاق ، كان انتفاء ما بَقي من الضرّ هيّناً ، وذلك بالصّبر على الأذى ، وقلّة الاكتراث به ، مع الحذر منهم أن يتوسّلوا بذلك الأذى إلى ما يوصل ضرّاً عظيماً . وفي الحديث " لا أحد أصبر على أذى يسمعه من اللَّهِ يدعون له نِدّاً وهو يرزقهم " وقرأ نافع ، وابن كثير ، وأبو عمرو ، ويعقوب { لا يضركم } ـــ بكسر الضاد وسكون الراء ـــ من ضارُه يضيره بمعنى أضرّه . وقرأه ابن عامر ، وحمزة ، وعاصم ، والكسائي ، وأبو جعفر ، وخلف ـــ بضم الضاد وضم الراء مشدّدة ـــ مِن ضرّهُ يضُرّه ، والضمّة ضمّة إتباع لحركة العين عند الإدغام للتخلّص من التقاء الساكنين سكون الجزم وسكونِ الإدغام ، ويجوز في مثله من المضموم العين في المضارع ثلاثةُ وجوه في العربية الضمّ لإتباع حركة العين ، والفتح لخفّته ، والكسر لأنَّه الأصل في التخلّص من التقاء الساكنين ، ولم يُقرأ إلاّ بالضمّ في المتواتر .