Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 156-156)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

تحذير من العود إلى مخالجة عقائد المشركين ، وبيان لسوء عاقبة تلك العقائد في الدنيا أيضاً . والكلام استئناف . والإقبال على المؤمنين بالخطاب تلطّف بهم جميعاً بعد تقريع فريق منهم الَّذين تولّوا يوم التقى الجمعان . واللام في قولهم { لإخوانهم } ليست لام تعدية فعل القول بل هي لام العلّة كقوله تعالى { ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلاً } لأنّ الإخوان ليسوا متكلّماً معهم بل هم الَّذين ماتوا وقُتلوا ، والمراد بالإخوان الأقارب في النسب ، أي من الخزرج المؤمنين ، لأنّ الشهداء من المؤمنين . و إذ هنا ظرف للماضي بدليل فعليّ قالوا وضَربوا ، وقد حذف فعل دلّ عليه قوله { ما ماتوا } تقديره فماتوا في سفرهم أو قتلوا في الغزو . والضرب في الأرض هو السفر ، فالضرب مستعمل في السير لأنّ أصل الضّرب هو إيقاع جسم على جسم وقرعه به ، فالسير ضرب في الأرض بالأرجل ، فأطلق على السفر للتجارة في قوله تعالى { وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل اللَّه } المزمل 20 ، وعلى مطلق السفر كما هنا ، وعلى السفر للغزو كما في قوله تعالى { يأيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا } النساء 94 وقوله { وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة } النساء 101 والظاهر أنّ المراد هنا السفر في مصالح المسلمين لأنّ ذلك هو الَّذي يلومهم عليه الكفار ، وقيل أريد بالضرب في الأرض التجارة . وعليه يكون قرنه مع القتل في الغزو لكونهما كذلك في عقيدة الكفار . و { غُزًّى } جمع غاز . وفُعَّل قليل في جمع فَاعل الناقص . وهو مع ذلك فصيح . ونظيره عُفَّى في قول امرىء القيس @ لَهَا قُلُب عُفَّى الحِيَاضِ أُجُونُ @@ وقوله { ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم } علّة لــقَالوا باعتبار ما يتضمّنه من اعتقاد ذلك مع الإعلان به توجيهاً للنَّهي عن التشبيه بهم أي فإنَّكم إن اعتقدتم اعتقادهم لحِقَكم أثره كما لحقهم ، فالإشارة بقوله ذلك إلى القول الدال على الاعتقاد ، وعلى هذا الوجه فالتعليل خارج عن التشبيه . وقيل اللام لام العاقبة ، أي لا تكونوا كالَّذين قالوا فترتّب على قولهم أن كان ذلك حسرة في قلوبهم ، فيكون قوله { ليجعل } على هذا الوجه من صلة الّذين ، ومن جملة الأحوال المشبّه بها ، فيعلم أنّ النّهي عن التّشبّه بهم فيها لما فيها من الضرّ . والحَسرة شدّة الأسف أي الحُزن ، وكانَ هذا حسرة عليهم لأنَّهم توهّموا أنّ مصابهم نشأ عن تضييعهم الحزم ، وأنَّهم لو كانوا سلكوا غير ما سلكوه لنجوا فلا يزالون متلهّفين على مافتهم . والمؤمن يبذل جهده فإذا خَابَ سَلَّم لْحكم القدر . وقوله { والله بما تعملون بصير } تحذير لهم من أن يضمروا العود إلى ما نهوا عنه .