Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 196-198)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اعتراض في أثناء هذه الخاتمة ، نشأ عن قوله { فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم } آل عمران 195 باعتبار ما يتضمّنه عدَمُ إضاعة العمل من الجزاء عليه جزاء كاملاً في الدنيا والآخرة ، وما يستلزمه ذلك من حرمان الذين لم يستجيبوا لداعي الإيمان وهم المشركون ، وهم المراد بالذين كَفَروا كَمَا هو مصطلح القرّاء . والخطاب لغير معيّن ممّن يُتوهّم أن يغرّه حسن حال المشركين في الدنيا . والغَرّ والغرور الإطماع في أمر محبوب على نيّة عدم وقوعه ، أو إظهار الأمر المضرّ في صورة النافع ، وهو مشتقّ من الغرّة ـــ بكسر الغين ـــ وهي الغفلة ، ورجل غِرّ ـــ بكسر الغين ـــ إذا كان ينخدع لمن خادعه . وفي الحديث " المؤمن غرّ كريم " أي يظنّ الخير بأهل الشرّ إذا أظهروا له الخير . وهو هنا مستعار لظهور الشيء في مظهر محبوب ، وهو في العاقبة مكروه . وأسند فعل الغرور إلى التقلّب لأنّ التقلّب سببه ، فهو مجاز عقليّ ، والمعنى لا ينبغي أن يغرّك . ونظيره « لا يفتننّكم الشيطان » . ولا ناهية لأنّ نون التوكيد لا تجيء مع النفي . وقرأ الجمهور لا يَغُرّنَّك ـــ بتشديد الراء وتشديد النون ـــ وهي نون التوكيد الثقيلة وقرأها رويس عن يعقوب ـــ بنون ساكنة ـــ ، وهي نون التوكيد الخفيفة . والتقلّب تصرّف على حسب المشيئة في الحروب والتجارات والغرس ونحو ذلك ، قال تعالى { ما يجادل في آيات الله إلاّ الذين كفروا فلا يَغْرُرْك تَقَلُّبُهم في البلاد } غافر 4 . والبلاد الأرض . والمتاعُ الشيء الذي يشتري للتمتّع به . وجملة { متاع قليل } إلى آخرها بيان لجملة { لا يغرنك } . والمتاع المنفعة العاجلة ، قال تعالى { وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع } آل عمران 185 . وجملة { لكن الذين اتقوا ربهم } إلى آخرها افتتحت بحرف الاستدراك لأنّ مضمونها ضدّ الكلام الذي قبلها لأنّ معنى { لا يغرنّك } إلخ وصف ما هم فيه بأنّه متاع قليل ، أي غير دائم ، وأنّ المؤمنين المتّقين لهم منافع دائمة . وقرأ الجمهور لكنْ ـــ بتخفيف النون ساكنة مخفَّفة من الثقيلة ـــ وهي مهملة ، وقرأه أبو جعفر ـــ بتشديد النون مفتوحة ـــ وهي عاملة عمل إنَّ . والنُزُل ـــ بضم النون والزاي وبضمّها مع سكون الزاي ـــ ما يعدّ للنزيل والضيف من الكرامة والقِرى ، قال تعالى { ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدّعون نزلاً من غفور رحيم } فصلت 31 ، 32 . و الأبرار جمع البَرّ وهو الموصوف بالمبرّة والبِرّ ، وهو حسن العَمل ضدّ الفجور .