Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 52-53)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
آذَنَ شرطُ لَما بجمل محذوفة ، تقديرها فوُلِد عيسى ، وكَلم الناس في المهد بما أخبرت به الملائكة مريم ، وكلم الناس بالرسالة . وأراهم الآيات الموعودَ بها ، ودعاهم إلى التصديق به وطاعته ، فكفروا به ، فلما أحسّ منهم الكفر قال إلى آخره . أي أحسّ الكفر من جماعة من الذين خاطبهم بدعوته في قوله { وأطيعون } آل عمران 50 أي سمع تكذيبهم إياه وأُخبر بتمالئهم عليه . « ومنهم » متعلق بأحسّ . وضمير منهم عائد إلى معلوم من المقام يفسره وصف الكفر . وطَلَبُ النصرِ لإظهار الدعوة لله ، موقفٌ من مواقف الرسل ، فقد أخبر الله عن نوح « فدعا رَبه أنّي مغلوب فانتصر » وقال موسى { واجعل لي وزيراً من أهلي } طه 29 وقد عرض النبي صلى الله عليه وسلم نفسه على قبائل العرب لينصروه حتى يُبلغ دعوة ربّه . وقوله { قال من أنصاري إلى الله } لعله قاله في ملإ بني إسرائيل إبْلاغاً للدعوة ، وقطعاً للمعذرة . والنصر يشمل إعلان الدين والدعوة إليه . ووصل وصْفَ أنصاري بإلى إما على تضمين صفة أنصار معنى الضم أي مَن ضامون نصرهم إياي إلى نصر الله إياي ، الذي وعدني به إذ لا بدّ لحصول النصر من تحصيل سببه كما هي سنّة الله قال تعالى { إن تنصروا الله ينصركم } محمد 7 على نحو قوله تعالى { ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم } النساء 2 أي ضامِّينها فهو ظرف لغو ، وإما على جعله حالاً من ياء المتكلم والمعنَى في حال ذهابي إلى الله ، أي إلى تبليغ شريعته ، فيكون المجرور ظرفاً مستقراً . وعلى كلا الوجهين فالكون الذي اقتضاه المجرور هو كون من أحوال عيسى عليه السلام ولذلك لم يأت الحواريون بمثله في قولهم نحن أنصار الله . والحواريون لقب لأصحاب عيسى ، عليه السلام الذين آمنوا به ولازموه ، وهو اسم معرَّب من النبطية ومفرده حواري قاله في الإتقان عن ابن حاتم عن الضحّاك ولكنه ادّعى أنّ معناه الغسال أى غسّال الثياب . وفسّره علماء العربية بأنه من يكون من خاصّة من يضاف هو إليه ومن قرابته . وغلب على أصحاب عيسى وفي الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم " لكل نبيٍّ حَوَارِيٌّ وحَوارِيّ الزُّبَيْر بنُ العوام " وقد أكثر المفسرون وأهل اللغة في احتمالات اشتقاقه واختلاف معناه وكلّ ذلك إلصاق بالكلمات التي فيها حروف الحاء والواو والراء لا يصحّ منه شيء . والحواريون اثنا عشر رجلا وهم سَمْعَان بطرس ، وأخوه أندراوس ، ويوحنا بن زبْدي ، وأخوه يعقوب - وهؤلاء كلّهم صيادو سَمك - ومتَّى العشَّار وتوما وفيليبس ، وبرثو لماوس ، ويعقوب بن حلفي ، ولباوس ، وسمعان القانوى ، ويهوذا الأسخريوطي . وكان جواب الحواريين دالاّ على أنهم علموا أنّ نصر عيسى ليس لذاته بل هو نصر لدين الله ، وليس في قولهم { نحن أنصار الله } ما يفيد حصراً لأنّ الإضافة اللفظية لا تفيد تعريفاً ، فلم يحصل تعريف الجزأين ، ولكنّ الحواريين بادروا إلى هذا الانتداب . وقد آمن مع الحواريّين أفراد متفرّقون من اليهود ، مثل الذين شفى المسيح مرضاهم ، وآمن به من النساء أمّه عليها السلام ، ومريم المجدلية ، وأم يوحنا ، وحماة سمعان ، ويوثا امرأة حوزي وكيل هيرودس ، وسوسة ، ونساء أخر ولكنّ النساء لا تطلب منهنّ نصره . وقوله { ربنا آمنا } من كلام الحواريين بقية قولهم ، وفرّعوا على ذلك الدعاء دعاءً بأن يجعلهم الله مع الشاهدين أي مع الذين شهدوا لرسل الله بالتبليغ ، وبالصدق ، وهذا مؤذن بأنهم تلقوا من عيسى - فيما علّمهم إياه - فضائل من يشهد للرسل بالصدق .