Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 30, Ayat: 10-10)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ثم } للتراخي الرتبي لأن هذه العاقبة أعظم رتبة في السوء من عذاب الدنيا ، فيجوز أن يكون هذا الكلام تذييلاً لحكاية ما حلّ بالأمم السالفة من قوله { كيف كان عاقبة الذين من قبلهم } الروم 9 . والمعنى ثم عاقبةُ كل من أساءوا السوأى مثلَهم ، فيكون تعريضاً بالتهديد لمشركي العرب كقوله تعالى { دمّر الله عليهم وللكافرين أمثالها } محمد 10 ، فالمراد بــــ { الذين أساءوا } كل مسيىء من جنس تلك الإساءة وهي الشرك . ويجوز أن يكون إنذاراً لمشركي العرب المتحدث عنهم من قوله { ولكن أكثر الناس لا يعلمون } الروم 6 فيكونوا المراد بــــ { الذين أساءوا } ، ويكون إظهاراً في مقام الإضمار على خلاف مقتضى الظاهر لقصد الإيماء بالصِلة ، أي أن سبب عاقبتهم السوأى هو إساءتهم ، وأصل الكلام ثم كان عاقبتهم السوأى . وهذا إنذار بعد الموعظة ونص بعد القياس ، فإن الله وعظ المكذبين للرسول صلى الله عليه وسلم بعواقب الأمم التي كذبت رسلها ليكونوا على حذر من مثل تلك العاقبة بحكم قياس التمثيل ، ثم أعقب تلك الموعظة بالنذارة بأنهم ستكون لهم مثل تلك العاقبة ، وأوقع فعل { كان } الماضي في موقع المضارع للتنبيه على تحقيق وقوعه مثل { أتى أمر الله } النحل 1 إتماماً للنذارة . والعاقبة الحالة الأخيرة التي تعقب حالة قبلها . وتقدمت في قوله { ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين } في سورة الأنعام 11 ، وقوله { والعاقبة للتقوى } في سورة طه 132 . { والذين أساءوا } هم كفار قريش ، والمراد { بآيات الله } القرآن ومعجزات الرسول صلى الله عليه وسلم . والسوأى تأنيث الأسَوإ ، أي الحالة الزائدة في الاتصاف بالسوء وهو أشد الشر ، كما أن الحسنى مؤنث الأحسن في قوله { للذين أحسنوا الحسنى } يونس 26 . وتعريف { السوأى } تعريف الجنس إذ ليس ثمة عاقبة معهودة . ويحتمل أن يراد بــــ { الذين أساءوا } الأمم الذين أثاروا الأرض وعمروها فتكون من وضع الظاهر موضع المضمر توسلاً إلى الحكم عليهم بأنهم أساءوا واستحقوا السوأى وهي جهنم . وفعل { كان } على ما هو عليه من التنبيه على تحقق الوقوع . وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر ويعقوب { عاقبةُ } بالرفع على أصل الترتيب بين اسم { كان } وخبرها . وقرأه البقية بالنصب على أنه خبر { كان } مُقدم على اسمها وهو استعمال كثير . والفصل بين { كان } ومرفوعها بالخبر سوغ حذف تاء التأنيث من فعل { كان } . و { أن كذبوا } تعليل لكون عاقبتهم السوأى بحذف اللام مع { أنْ } وآيات الله القرآن والمعجزات . والباء في { بها يستهزئون } للتعدية ، وتقديم المجرور للاهتمام بشأن الآيات ، وللرعاية على الفاصلة .