Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 30, Ayat: 43-43)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
تفرع على الإنذار والتحذير من عواقب الشرك تثبيتُ الرسول صلى الله عليه وسلم على شريعته ، ووعد بأن يأتيه النصر كقوله { واعبد ربك حتى يأتيَك اليقين } الحجر 99 ، مع التعريض بالإرشاد إلى الخلاص من الشرك باتباع الدّين القيّم ، أي الحق . وهذا تأكيد للأمر بإقامة الوجه للدين في قوله { فأقم وجهك للدّين حنيفاً } الروم 30 ، فإن ذلك لما فُرع على قوله { أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم } الروم 9 ، وما اتصل من تسلسل الحجج والمواعظ فُرع أيضاً نظيره هذا على قوله { قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل } الروم 42 وقد تقدم الكلام على نظير قوله { فأقم وجهك للدّين } وعلى معنى إقامة الوجه عند قوله { فأقم وجهك للدين حنيفاً } الروم 30 . و { القيّم } بوزن فَيْعل ، وهي زنة تدل على قوة ما تصَاغ منه ، أي الشديد القيام ، والقيام هنا مجاز في الإصابة لأن الصواب يشبَّه بالقيام ، وضده يشبه بالعِوج ، وقد جمعهما قوله تعالى { ولم يجعل له عِوَجاً قيِّماً } الكهف 1 ، 2 فوصف الإسلام في الآية السابقة بالحنيف والفطرة ووصف هنا بالقيّم . وبين { أقم } و { القيم } محسن الجناس . والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر إعراضٌ عن صريح خطاب المشركين . والمقصود التعريض بأنهم حَرموا أنفسهم من اتباع هذا الدين العظيم الذي فيه النجاة . يؤخذ هذا التعريض من أمر النبي عليه الصلاة والسلام بالدوام على الإسلام ومن قوله عقب ذلك { يومئذ يصَّدَّعون } الآية . والمردّ مصدر ميمي من الردّ وهو الدفع ، و { له } يتعلق به ، و { من الله } متعلق بــــ { يأتي } و { من } ابتدائية . والمراد باليوم يوم عذاب في الدنيا وأنه إذا جاء لا يردّه عن المجازَيْن به رادّ لأنه آت من الله . والظاهر أن المراد به يوم بدر . و { يصدعون } أصله يَتصَدَّعون فقلبت التاء صاداً لتقارب مخرجيهما لتأتي التخفيف بالإدغام . والتصدع مطاوع الصدع ، وحقيقة الصدع الكسر والشق ، ومنه تصدع القدح . والمراد باليوم يوم الحشر . والتصدع التفرق والتمايز . ويكون ضمير الجمع عائداً إلى جميع الناس ، أي يومئذ يفترق المؤمنون من الكافرين على نحو قوله تعالى { ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرّقون فأما الذين ءامنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يُحْبَرون وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون } الروم 14 ـــ 16 .