Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 30, Ayat: 57-57)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

تفريع على جملة { كذلك كانوا يؤفكون } الروم 55 . والذين ظلموا هم المشركون الذين أقسموا ما لبثوا غير ساعة ، فالتعبير عنهم بالذين ظلموا إظهار في مقام الإضمار لغرض التسجيل عليهم بوصف الظلم وهو الإشراك بالله لأنه جامع لفنون الظلم ، ففيه الاعتداء على حق الله ، وظلم المشرك نفسه بتعريضها للعذاب ، وظلمهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالتكذيب ، وظلمهم المؤمنين بالاعتداء على أموالهم وأبشارهم . والمعذرة اسم مصدر اعتذر ، إذا أبدى علة أو حجة ليدفع عن نفسه مؤاخذة على ذنب أو تقصير . وهو مشتق من فعل عذره ، إذا لم يؤاخذه على ذنب أو تقصير لأجل ظهور سبب يدفع عنه المؤاخذة بما فعله . وإضافة مَعْذِرَة إلى ضمير { الذين ظلموا } تقتضي أن المعذرة واقعة منهم . ثم يجوز أن تكون الإضافة للتعريف بمعذرة معهودة فتكون هي قولهم { ما لبثوا غير ساعة } الروم 55 كما تقدم ، ويجوز أن يكون التعريف للعموم كما هو شأن المصدر المضاف ، أي لا تنفعهم معذرة يعتذرون بها مثل قولهم { غَلبتْ علينا شقوتنا } المؤمنون 106 وقولهم { هؤلاء أضلونا } الأعراف 38 . واعلم أن هذا لا ينافي قوله تعالى { ولا يؤذن لهم فيعتذرون } المرسلات 36 المقتضي نفي وقوع الاعتذار منهم لأن الاعتذار المنفي هو الاعتذار المأذون فيه ، أي المقبول ، لأن الله لو أذن لهم في الاعتذار لكان ذلك توطئة لقبوله اعتذارهم نظير قوله { من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه } البقرة 255 . والمثبت هنا معذرة من تلقاء أنفسهم لم يؤذن لهم بها فهي غير نافعة لهم كما قال تعالى { قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوماً ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون قال اخسؤوا فيها ولا تكلمون } المؤمنون 106 ـــ 108 وقوله { لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون } المؤمنون 65 . وقرأ الجمهور { تنفع } بالمثناة الفوقية . وقرأه حمزة وعاصم والكسائي وخلف بالتحتية وهو وجه جائز لأن معذرة مجازيُّ التأنيث ، ولوقوع الفصل بين الفعل وفاعله بالمفعول . و { يُستعتبون } مبني للمجهول والمبني منه للفاعل استعتب ، إذا سأل العُتبَى ــــ بضم العين وبالقصر ــــ وهي اسم للإعتاب ، أي إزالة العَتب ، فهمزة الإعتاب للإزالة ، قال تعالى { وإن يَستعتبوا فما هُمْ من المُعتَبين } فصلت 24 ، فصار استُعتب المبني للمجهول جارياً على استَعتب المبني للمعلوم فلما قيل استعتب بمعنى طلب العُتبى صار استُعتب المبني للمجهول بمعنى أُعْتِب ، فمعنى { ولا هم يستعتبون } ولا هم بمزال عنهم المؤاخذة نظير قوله { فما هم من المعتبين } . وهذا استعمال عجيب جار على تصاريف متعددة في الفصيح من الكلام ، وبعض اشتقاقها غير قياسي ومن حاولوا إجراءه على القياس اضطروا إلى تكلفات في المعنى لا يرضى بها الذوق السليم ، والعجب وقوعها في « الكشاف » . وقال في « القاموس » واستعتبه أعطاه العتبى كأعتبه ، وطلب إليه العتبى ضدٌّ . والمعنى لا ينفعهم اعتذار بعذر ولا إقرار بالذنب وطلب العفو . وتقدم قوله { ولا هم يستعْتبون } في سورة النحل 84 .