Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 48-48)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

جاء في مقابلة قوله { وبشر المؤمنين } الأحزاب 47 بقوله { ولا تطع الكافرين والمنافقين } تحذيراً له من موافقتهم فيما يسألون منه وتأييداً لفعله معهم حين استأذنه المنافقون في الرجوع عن الأحزاب فلم يأذن لهم ، فنُهي عن الإِصغاء إلى ما يرغبونه فيترك ما أحلّ له من التزوّج ، أو فيعطي الكافرين من الأحزاب ثَمر النخل صلحاً أو نحو ذلك ، والنهي مستعمل في معنى الدوام على الانتهاء . وعلم من مقابلة أمر التبشير للمؤمنين بالنهي عن طاعة الكافرين والمنافقين أن الكافرين والمنافقين هم متعلَّق الإِنذار من قوله { ونذيراً } الأحزاب 45 لأن وصف « بشيراً » قد أخذ متعلّقه فقد صار هذا ناظراً إلى قوله { ونذيراً } الأحزاب 45 . وقوله { ودع أذاهم } يجوز أن يكون فعل { دع } مراداً به أن لا يعاقبهم فيكون { دع } مستعملاً في حقيقته وتكون إضافة أذاهم من إضافة المصدر إلى مفعوله ، أي دع أذاك إياهم . ويجوز أن يكون { دع } مستعملاً مجازاً في عدم الاكتراث وعدمِ الاغتمام ، فما يقولونه مما يؤذي ويكون إضافة أذاهم من إضافة المصدر إلى فاعله ، أي لا تكترث بما يصدر منهم من أذىً إليك فإنك أجلّ من الاهتمام بذلك ، وهذا من استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه . وأكثر المفسرين اقتصروا على هذا الاحتمال الأخير . والوجه الحمل على كلا المعنيين ، فيكون الأمر بترك أذاهم صادقاً بالإِعراض عما يؤذون به النبي صلى الله عليه وسلم من أقوالهم ، وصادقاً بالكف عن الإِضرار بهم ، أي أن يترفع النبي صلى الله عليه وسلم عن مؤاخذتهم على ما يصدر منهم في شأنه ، وهذا إعراض عن أذى خاص لا عموم له ، فهو بمنزلة المعرف بلام العهد ، فليست آيات القتال بناسخة له . وهذا يقتضي أنه يترك أذاهم ويكلهم إلى عقاب آجل وذلك من معنى قوله { شاهداً } الأحزاب 45 لأنه يشهد عليهم بذلك كقوله { فتول عنهم حتى حين وأبصرهم } الصافات 174 ـــ 175 . والتوكل الاعتماد وتفويض التدبير إلى الله . وقد تقدم عند قوله تعالى { فإذا عزمت فتوكل على الله } في سورة آل عمران 159 وقوله { وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين } في سورة العقود 23 ، أي اعتمد على الله في تبليغ الرسالة وفي كفايته إياك شر عدوك ، فهذا ناظر إلى قوله { وداعياً إلى الله } الأحزاب 46 . وقوله { وكفى بالله وكيلاً } تذييل لجملة { وتوكل على الله } . والمعنى فإن الله هو الوكيل الكافي في الوكالة ، أي المجزي من توكّل عليه ما وكله عليه فالباء تأكيد ، وتقدم قوله { وكفى بالله وكيلاً } في سورة النساء 81 . والتقدير كفى الله و { وكيلاً } تمييز . فقد جاءت هذه الجمل الطلبية مقابلة وناظرة للجمل الإِخبارية من قوله { إنا أرسلناك شاهداً } الأحزاب 45 إلى { وسراجاً منيراً } الأحزاب 46 فقوله { وبشر المؤمنين } الأحزاب 47 ناظراً إلى قوله { ومبشراً } الأحزاب 45 . وقوله { ولا تطع الكافرين } ناظر إلى قوله { ونذيراً } الأحزاب 45 لأنه جاء في مقابلة بشارة المؤمنين كما تقدم . وقوله { ودع أذاهم } ناظر إلى قوله { شاهداً } الأحزاب 45 كما علمت . وقوله { وتوكل على الله } ناظر إلى قوله { وداعياً إلى الله } الأحزاب 46 . وأما قوله { وسراجاً منيراً } الأحزاب 46 فلم يذكَر له مقابل في هذه المطالب إلا أنه لما كان كالتذييل للصفات كما تقدم ناسب أن يقابله ما هو تذييل للمطالب ، وهو قوله { وكفى بالله وكيلاً } . وهذا أقرب من بعض ما في « الكشاف » من وجوه المقابلة ومن بعض ما للآلوسي فانظرهما واحكم .