Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 35, Ayat: 2-2)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا من بقية تصدير السورة بـــ { الحمد لله فاطر السماوات والأرض } فاطر 1 ، وهو عطف على { فاطر السماوات والأرض } الخ . والتقدير وفاتح الرحمة للناس وممسكها عنهم فلا يقدر أحد على إمساك ما فتحه ولا على فتح ما أمسكه . و { ما } شرطية ، أي اسم فيه معنى الشرط . وأصلها اسم موصول ضُمِّن معنى الشرط . فانقلبت صلته إلى جملة شرطية وانقلبت جملة الخبر جواباً واقترنت بالفاء لذلك ، فأصل { ما } الشرطية هو الموصولة . ومحل { ما } الابتداء وجواب الشرط أغنى عن الخبر . و { من رحمة } بيان لإِبهام { ما } والرابط محذوف لأنه ضمير منصوب . والفتح تمثيلية لإِعطاء الرحمة إذ هي من النفائس التي تشبه المدخرات المتنافس فيها فكانت حالة إعطاء الله الرحمة شبيهة بحالة فتح الخزائن للعطاء ، فأشير إلى هذا التمثيل بفعل الفتح ، وبيانُه بقوله { من رحمة } قرينة الاستعارة التمثيلية . والإِمساك حقيقته أخذ الشيء باليد مع الشدّ عليه بها لئلا يسقط أو ينفلت ، وهو يتعدّى بنفسه ، أو هو هنا مجاز عن الحبس والمنع ولذلك قوبل به الفتح . وأما قولهم أمسك بكذا ، فالباء إمّا لتوكيد لصوق المفعول بفعله كقوله تعالى { ولا تمسكوا بعصم الكوافر } الممتحنة 10 ، وإمّا لتضمينه معنى الاعتصام كقوله تعالى { فقد استمسك بالعروة الوثقى } لقمان 22 . وقد أوهم في « القاموس » و « اللسان » و « التاج » أنه لا يتعدى بنفسه . فقوله هنا { وما يمسك } حذف مفعوله لدلالة قوله { ما يفتح الله للناس من رحمة } عليه . والتقدير وما يمسكه من رحمة ، ولم يُذكر له بيان استغناءً ببيانه من فعل . والإِرسال ضد الإِمساك ، وتعدية الإِرسال باللام للتقوية لأن العامل هنا فرع في العمل . و { من بعده } بمعنى من دونه كقوله تعالى { فمن يهديه من بعد الله } الجاثية 23 { فبأي حديث بعد الله } الجاثية 6 ، أي فلا مرسل له دون الله ، أي لا يقدر أحد على إبطال ما أراد الله من إعطاء أو منع والله يحكم لا معقب لحكمه . وتذكير الضمير في قوله { فلا مرسل له } مراعاة للفظ { ما } لأنها لا بيان لها ، وتأنيثه في قوله { فلا ممسك لها } لِمراعاة بيان { ما } في قوله { من رحمة } لقربه . وعطف { وهو العزيز الحكيم } تذييل رجّح فيه جانب الإِخبار فعطف ، وكان مقتضى الظاهر أن يكون مفصولاً لإِفادة أنه يفتح ويمسك لحكمة يعلمها ، وأنه لا يستطيع أحد نقضَ ما أبْرَمَه في فتح الرحمة وغيره من تصرفاته لأن الله عزيز لا يمكن لغيره أن يغلبه ، فأنّ نقض ما أبرم ضرب من الهوان والمذلّة . ولذلك كان من شعار صاحب السؤدد أنه يبرم وينقض قال الأعشى @ علقمَ ما أنت إلى عامر الناقِض الأوتار والواتر @@ وضمير { لها } وضمير { له } عائدان إلى { ما } من قوله { ما يفتح الله للناس من رحمة } ، روعي في تأنيث أحد الضميرين معنى { ما } فإنه اسم صادق على { رحمة } وقد بُيّن بها ، وروعي في تذكير الضمير الآخر لفظ { ما } لأنه لفظ لا علامة تأنيث فيه . وهما اعتباران كثيران في مثله في فصيح الكلام ، فالمتكلم بالخيار بين أيّ الاعتبارين شاء . والجمع بينهما في هذه الآية تفنن . وأوثر بالتأنيث ضمير { ما } لأنها مبيّنة بلفظ مؤنث وهو { من رحمة } .