Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 22-26)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
تخلُّص من الإِنذار بحصول البعث إلى الإِخبار عما يحلّ بهم عقبه إذا ثبتوا على شركهم وإنكارهم البعث والجزاء . و { احْشُرُوا } أمر ، وهو يقتضي آمراً ، أي ناطقاً به ، فهذا مقول لقول محذوف لظهور أنه لا يصلح للتعلق بشيء مما سبقه ، وحَذْفُ القول من حديث البحر ، وظاهر أنه أمر من قبل الله تعالى للملائكة الموكّلين بالناس يوم الحساب . والحشر جمع المتفرقين إلى مكان واحد . و { الذين ظلموا } المشركون { إن الشرك لظلم عظيم } لقمان 13 . والأزواج ظاهره أن المراد به حلائلهم وهو تفسير مجاهد والحسن . وروي عن النعمان بن بشير يرويه عن عمر ابن الخطاب وتأويله أنهن الأزواج الموافقات لهم في الإِشراك ، أما من آمن فهن ناجيات من تبعات أزواجهن وهذا كذكر أزواج المؤمنين في قوله تعالى { هم وأزواجهم في ظلال } يس 56 فإن المراد أزواجهم المؤمنات فأطلق حملاً على المقيّد في قوله { ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم } الرعد 23وذكر الأزواج إبلاغ في الوعيد والإِنذار لئلا يحسبوا أن النساء المشركات لا تبعة عليهن . وذلك مثل تخصيصهن بالذكر في قوله تعالى { الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى } في سورة البقرة 178 . وقيل الأزواج الأصناف ، أي أشياعهم في الشرك وفروعه . قاله قتادة وهو رواية عن عمر بن الخطاب وابن عباس . وعن الضحاك الأزواج المقارنون لهم من الشياطين . وضمير { يَعْبُدُونَ } عائد إلى { الذين ظلموا وأزواجَهُم } . ومَا صدَقُ { ما } غير العقلاء ، فأما العقلاء فلا تزِرُ وازرة وزر أخرى . والضمير المنصوب في { فَاهْدُوهُم } عائد إلى { الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله ، } أي الأصنام . وعطف { فَاهدُوهُم } بفاء التعقيب إشارة إلى سرعة الأمر بهم إلى النار عقب ذلك الحشر فالأمر بالأصالة في القرآن . والهداية والهَدي الدلالة على الطريق لمن لا يعرفه ، فهي إرشاد إلى مرغوب وقد غلبت في ذلك ، لأن كون المهديّ راغباً في معرفة الطريق من لوازم فعل الهداية ولذلك تقابل بالضلالة وهي الحيرة في الطريق ، فذكر { اهدوهم } هنا تهكّم بالمشركين ، كقول عمرو بن كلثوم @ قريناكم فعجلنا قراكم قُبيل الصبح مِرادة طَحونا @@ والصراط الطريق ، أي طريق جهنم . ومعنى { وَقِفُوهُم } أمر بإيقافهم في ابتداء السير بهم لما أفاده الأمر من الفور بقرينة فاء التعقيب التي عطفته ، أي احبسوهم عن السير قَليلاً ليُسألوا سؤال تأييس وتحقير وتغليظ ، فيقال لهم { ما لكم لا تناصرون } ، أي ما لكم لا ينصر بعضكم بعضاً فيدفع عنه الشقاء الذي هو فيه ، وأين تناصركم الذي كنتم تتناصرون في الدنيا وتتألبون على الرسول وعلى المؤمنين . فالاستفهام في { ما لكم لا تناصرونَ } مستعمل في التعجيز مع التنبيه على الخطأ الذي كانوا فيه في الحياة الدنيا . وجملة { ما لكم لا تناصرون } مبيّنة لإبهام { مَسْؤُولُونَ } وهو استفهام مستعمل في التعجيب للتذكير بما يسوءهم ، فظهر أن السؤال ليس على حقيقته وإنما أريد به لازمه وهو التعجيب ، والمعنى أيّ شيء اختص بكم ، فــــ { ما } الاستفهامية مبتدأ و { لكم } خبر عنه . وجملة { لا تَنَاصَرُونَ } حال من ضمير { لكم } وهي مناط الاستفهام ، أي أن هذه الحالة تستوجب التعجب من عدم تناصركم . وقرأ الجمهور { لاَ تَنَاصَرُونَ } بتخفيف المثناة الفوقية على أنه من حذف إحدى التاءين . وقرأه البَزِّي عن ابن كثير وأبو جعفر بتشديد المثناة على إدغام إحدى التاءين في الأخرى . والإِضراب المستفاد من { بَل } إضراب لإِبطال إمكان التناصر بينهم وليس ذلك مما يتوهمه السمع ، فلذلك كان الإِضراب تأكيداً لما دل عليه الاستفهام من التعجيز . والاستسلام الإِسلام القوي ، أي إسلام النفس وترك المدافعة فهو مبالغة في أسلم . وذكر { اليَوْمَ } لإِظهار النكاية بهم ، أي زال عنهم ما كان لهم من تناصر وتطاول على المسلمين قبل اليوم ، أي في الدنيا إذ كانوا يقولون { نحن جميع منتصر } القمر 44 وقد قالها أبو جهل يوم بدر ، أي نحن جماعة لا تغلب فكان لذكر اليوم وقع بديع في هذا المقام .