Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 38, Ayat: 15-15)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما أشعر قوله { فحَقَّ عِقَابِ } ص14 بتهديد مشركي قريش بعذاب ينتظرهم جَرْياً على سنة الله في جزاء المكذبين رسلَه ، عطف على جملة الإِخبار عن حلول العذاب بالأحزاب السابقين جملةُ تَوعد بعذاب الذين ماثلوهم في التكذيب . و { هؤلاء } إشارة إلى كفار قريش لأن تجدد دعوتهم ووعيدهم وتكذيبهم يوماً فيوماً جعلهم كالحاضرين فكانت الإِشارة مفهوماً منها أنها إليهم ، وقد تتبعتُ اصطلاح القرآن فوجدتُه إذا استعمل { هٰؤُلاءِ } ولم يكن معه مشار إليه مذكور أنه يريد به المشركين من أهل مكة كما نبهتُ عليه فيما مضى غير مرة . و { يَنظُرُ } مشتق من النظر بمعنى الانتظار قال تعالى { هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة } الأنعام 158 ، أي ما ينتظر المشركون إلا صيحة واحدة ، وهذا كقوله تعالى { فهل ينتظرون إلاّ مثل أيام الذين خلوا من قبلهم } يونس 102 . والمتبادر من الآية أنها تهديد لهم بصيحة صاعقة ونحوها كصيحة ثمود أو صيحة النفخ في الصور التي يقع عندها البعث للجزاء ، ولكن ما سبق ذكره آنفاً من أن قوله تعالى { جُندٌ ما هُنالكَ مهزومٌ منَ الأحزابِ } ص11 إيماءٌ إلى بشارة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأن معانديه سيهزمون ويَعمل فيهم السيف يوم بدر ، يقتضي أن الصيحة صيحة القتال وهي أن يصيح النذير يَا صباحاه كما صَاح الصارخ بمكة حين تعرَّض المسلمون لعير قريش ببدر . ووصفها بــــ { واحِدَةً } إشارة إلى أن الصاعقة عظيمة مهلكة ، أو أن النفخة واحدة وهي نفخة الصعق ، وفي خفيّ المعنى إيماء إلى أن القوم يبتدرون إلى السلاح ويخرجون مسرعين لإِنقاذ عيرهم فكانت الوقعة العظيمة وقعة يوم بدر أو صيحة المبارزين للقتال يومئذٍ . وأسند الانتظار إليهم في حين أنهم غافلون عن ذلك ومكذبون بظاهره إسناد مجازي على طريقة المجاز العقلي فإنهم يَنتظر بهم ذلك المسلمون الموعودون بالنصر ، أو ينتظِر بهم الملائكة الموكّلون بحشرهم عند النفخة ، فلما كانوا متعلَّق الانتظار أسند فعل { يَنظُرُ } إليهم لملابسة المفعولية على نحو { في عيشةٍ راضية } الحاقة21 . والفواق ، بفتح الفاء وضمها اسم لما بين حلبتي حالب الناقة ورضعتي فَصيلها ، فإن الحالب يحلب الناقة ثم يتركها ساعة ليرضعها فصيلها ليَدر اللبن في الضرع ثم يعودون فيحلبونها ، فالمدة التي بين الحلبتين تسمى فَواقاً . وهي ساعة قليلة وهم قبل ابتداء الحلب يتركون الفصيل يرضعها لتدرّ باللبن . وجمهور أهل اللغة على أن الفتح والضم فيه سواء ، وذهب أبو عبيدة والفراء إلى أن بين المفتوح والمضموم فَرقاً فقالا المفتوح بمعنى الراحة مثل الجَواب من الإِجابة ، والمضمومُ اسم للمدة . واللبن المجتمع في تلك الحصة يسمى الفِيقَة بكسر الفاء ، وجمعُها أفاويق . ومعنى { ما لَها من فَواقٍ } ليس بعدها إمهال بقدر الفواق ، وهذا كقوله تعالى { ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصِّمون فلا يستطيعون توصية } يس49 - 50 . وقرأ الجمهور { فَوَاقٍ } بفتح الفاء . وقرأه حمزة والكسائي بضم الفاء .