Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 38, Ayat: 57-58)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اسم الإِشارة هنا جار على غالب مواقعه وهو نظير قوله { هذا ما توعدون ليوم الحساب } ص 53 والقول فيه مثله . وإشارة القريب لتقريب الإِنذار والمشار إليه ما تضمنه قوله { جهنَّم يصلونها } ص 56 من الصلي ومن معنى العذاب ، أو الإِشارة إلى شرّ من قوله { لَشَرَّ مآبٍ } ص 55 . و { حميم } خبر عن اسم الإِشارة . ومعنى الجملة في معنى بدل الاشتمال لأن شر المآب أو العذاب مشتمل على الحميم والغساق وغيرِه من شكله ، والمعنى أن ذلك لهم لقوله { وإنّ للطاغِينَ لشرَّ مَآبٍ } ص 55 فما فُصل به شر المآب وعذاب جهنم فهو في المعنى معمول للام . والحميم الماء الشديد الحرارة . والغَساق قرأه الجمهور بتخفيف السين . وقرأه حمزة والكسائي وحفص عن عاصم وخلف بتشديدها . قيل هما لغتان وقيل غَسَّاق بالتشديد مبالغة في غَاسق بمعنى سائل ، فهو على هذا وصف لموصوف محذوف وليس اسماً لأن الأسماء التي على زنة فَعَّال قليلة في كلامهم . والغساق سائل يسيل في جهنم ، يقال غَسَق الجُرح ، إذا سال منه ماء أصفر . وأحسب أن هذا الاسم بهذا الوزن أطلقه القرآن على سائل كريه يُسْقَوْنه كقوله { بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب } الكهف 29 . وأحسب أنه لم تكن هذه الزنة من هذه المادة معروفة عند العرب ، وبذلك يومىء كلام الراغب . وهذا سبب اختلاف المفسرين في المراد منه . والأظهر أنه صيغ له هذا الوزن ليكون اسماً لشيء يشبه ما يغسِقَ به الجرح ، ولذلك سمّي بالمهل والصديد في آيات أخرى . وجملة { فَلْيَذُوقُوهُ } معترضة بين اسم الإِشارة والخبر عنه ، وهذا من الاعتراض المقترن بالفاء دون الواو ، والفاء فيه كالفاء في قوله { فبئس المِهادُ } ص 56 وقد تقدمت آنفاً . وموقع الجملة كموقع قوله { فامنن أو أمسك } ص 39 كما تقدم آنفاً . وقوله { وءَاخَرُ } صفة لموصوف محذوف دلت عليه الإِشارة بقوله { هذا } وضمير { فليذوقوه } وصفُ آخر يدل على مغاير . وقوله { مِن شَكلِهِ } يدل على أنه مغاير له بالذات وموافق في النوع ، فحصل من ذلك أنه عذاب آخر أو مذوق آخر . والشَّكل بفتح الشين المثل ، أي المماثل في النوع ، أي وعذاب آخر غير ذلك الذي ذاقوه من الحميم والغساق هو مثل ذلك المشار إليه أو مثل ذلك الذوق في التعذيب والألم . وأفرد ضمير { شَكلهِ } مع أن معاده { حَميمٌ وغسَّاقٌ } نظراً إلى إفراد اسم الإِشارة ، أو إلى إفراد مذوق المأخوذ من يذوقوه ، فقوله { مِن شكلهِ } صفة لــــ { آخر } . والأزواج جمع زوج بمعنى النوع والجنس ، وقد تقدم عند قوله { ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين } في سورة الرعد 3 . والمعنى وعذاب آخر هو أزواج أصناف كثيرة . ولما كان اسماً شائعاً في كل مغاير صحّ وصفه بــــ { أزْوٰجٌ } بصيغة الجمع . وقرأ الجمهور { وءَاخَرُ } بصيغة الإِفراد . وقرأه أبو عمرو ويعقوب { وأُخَر } بضم الهمزة جمع أخرى على اعتبار تأنيث الموصوف ، أي وأزواج أخر من شكل ذلك العذاب .