Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 40-40)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

استئناف بعد أن وصف حالهم ، وأقام الحجّة عليهم ، وأراهم تفريطهم مع سهولة أخذهم بالحيطة لأنفسهم لو شاءوا ، بيّن أنّ الله منزّه عن الظلم القليل ، بله الظلم الشديد ، فالكلام تعريض بوعيد محذوف هو من جنس العقاب ، وأنّه في حقّهم عدل ، لأنّهم استحقّوه بكفرهم ، وقد دلّت على ذلك المقدّر أيضاً مقابلته بقوله { وإن تك حسنة } ولمّا كان المنفي الظلم ، على أنّ مثقال ذرّة تقدير لأقلّ ظلم ، فدلّ على أنّ المراد أنّ الله لا يؤاخذ المسيء بأكثر من جزاء سيّئته . وانتصب { مثقال ذرة } بالنيابة عن المفعول المطلق ، أي لا يظلم ظُلما مقدّراً بمثقال ذرّة ، والمثقال ما يظهر به الثِّقَل ، فلذلك صيغَ على وزن اسم الآلة ، والمراد به المقدار . والذَّرة تطلق على بيضة النمْلة ، وعلى ما يتطاير من التراب عند النفخ ، وهذا أحقر ما يقدُر به ، فعلم انتفاء ما هو أكثر منه بالأولى . وقرأ نافع وابن كثير وأبو جعفر { حسنة } ــــ بالرفع ــــ على أنّ تك مضارع كان التامّة ، أي إن تُوجَدْ حسنةٌ . وقرأه الجمهور ــــ بنصب ــــ { حسنة } على الخبرية لــــ { تَكُ } على اعتبار كان ناقصة ، واسم كان المُسْتتر عائد إلى مثقال ذرّة ، وجيء بفعل الكون بصيغة فِعل المؤنث مراعاةً لفظ ذرّة الذي أضيف إليه مثقالُ ، لأنّ لفظ مثقال مبهم لا يميّزه إلاّ لفظ ذرّة فكان كالمستغنى عنه . والمضاعفة إضافة الضّعف ــــ بكسر الصاد ــــ أي المِثْل ، يقال ضاعف وضَعَّف وأضْعَفَ ، وهي بمعنى واحد على التحقيق عند أيمّة اللغة ، مثل أبي علي الفارسي . وقال أبو عُبيدة ضاعف يقتضي أكثر من ضِعْفٍ واحد وضعّف يقتضي ضعفين . وردّ بقوله تعالى { يضاعف لها العذاب ضعفين } الأحزاب 30 . وأمّا دلالة إحدى الصيغ الثلاث على مقدار التضعيف فيؤخذ من القرائن لحكمة الصيغة . وقرأ الجمهور { يضاعفها } ، وقرأه ابن كثير ، وابن عامر ، وأبو جعفر { يُضَعِّفها } ــــ بدون ألف بعد العين وبتشديد العين ــــ . والأجر العظيم ما يزاد على الضعف ، ولذلك أضافه الله تعالى إلى ضمير الجلالة ، فقال { من لدنه } إضافة تشريف . وسمّاه أجرا لكونه جزاء على العمل الصالح ، وقد روي أنّ هذا نزل في ثواب الهجرة .