Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 20-20)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

كان مقتضى الظاهر أن يؤتَى بجملة { يقضي بالحق } معطوفة بالواو على جملة { يعلم خائنة الأعين } غافر 19 فيقال ويقضى بالحق ولكن عدل عن ذلك لما في الاسم العلم لله تعالى من الإِشعار بما يقتضيه المسمى به من صفات الكمال التي منها العدل في القضاء ، ونظيره في الإِظهار في مقام الإِضمار قوله تعالى { أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لا معقب لحكمه } الرعد 41 . وليحصل من تقديم المسند إليه على المسند الفعلي تقوِّي المعنى ، ومنه قوله تعالى { إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون } الأنفال 36 أعيد الموصول ولم يؤت بضمير { الذين كفروا } ليُفيد تقديمُ الاسم على الفعل تقوّي الحكم . والجملة من تمام الغرض الذي سيقت إليه جملة { يعلم خائنة الأعين } غافر 19 كما تقدم ، وكلتاهما ناظرة إلى قوله { ما للظٰلمين من حميم ولا شفيع } غافر 18 أي أن ذلك من القضاء بالحق . وأما جملة { والذين تدعون من دونه لا يقضون بشيء } فناظرة إلى جملة { ما للظالمين من حميم ولا شفيع } غافر 18 فبعد أن نُفي عن أصنامهم الشفاعة ، نُفيَ عنها القضاءُ بشيء مَّا بالحق أو بالباطل وذلك إظهار لعجزِها . ولا تحْسِبنَّ جملةَ { والذين تدعون من دونه لا يقضون بشيء } مسوقةً ضميمة إلى جملة { والله يقضي بالحق } ليفيد مجموع الجملتين قصر القضاء بالحق على الله تعالى قَصْرَ قلب ، أي دون الأصنام ، كما أفيد القصر من ضم الجملتين في قول السمَوْأل أو عبد الملك الحارثي @ تَسيل على حد الظُّبات نفوسنا وليست على غير الظُّبات تسيل @@ لأن المنفي عن آلهتهم أعمّ من المثبت لله تعالى ، وليس مثل ذلك مما يضاد صيغة القصر لكفى في إفادته تقديم المسند إليه على الخبر الفعلي بحَمْله على إرادة الاختصاص في قوله { والله يقضي بالحق } . فالمراد من قوله { والذين تدعون من دونه لا يقضون بشيء } التذكير بعجز الذين يدعونهم وأنهم غير أهل للإِلهية ، وهذه طريقة في إثبات صفة لموصوف ثم تعقيب ذلك بإظهار نقيضه فيما يُعدّ مساوياً له كما في قول أمية بن أبي الصلت @ تلك المكارمُ لا قَعْبَانِ من لَبَن شيباً بماءٍ فصار فيما بعدُ أبوالا @@ وإلاَّ لما كان لعطف قوله لا قَعْبانِ من لبن ، مناسبة . والدعاء يجوز أن يكون بمعنى النداء وأن يكون بمعنى العبادة كما تقدم آنفاً . وجملة { إن الله هو السميع البصير } مقررة لجمل { يعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور } إلى قوله { لا يَقْضُون بشيء } غافر 19 ، 20 . فتوسيط ضمير الفصل مفيد للقصر وهو تعريض بأن آلهتهم لا تسمع ولا تبصر فكيف ينسبون إليها الإِلهية ، وإثبات المبالغة في السمع والبصر لله تعالى يُقرر معنى { يَقْضِي بالحق } لأن العالم بكل شيء تتعلق حكمته بإرادة الباطل ولا تخطىء أحكامه بالعثار في الباطل . وتأكيد الجملة بحرف التأكيد تحقيق للقصر . وقد ذكر التفتزاني في « شرح المفتاح » في مبحث ضمير الفصل أن القصر يُؤكَّد . وقرأ نافع وهشام عن ابن عامر { تدعُون } بتاء الخطاب على الالتفات من الغيبة إلى الخطاب لقرع أسماع المشركين بذلك . وقرأ الجمهور بياء الغيبة على الظاهر .