Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 44-44)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا الكلام متاركة لقومه وتنهية لخطابه إياهم ولعله استشعر من ملامحهم أو من مقاطعتهم كلامه بعبارات الإِنكار ، ما أيْأَسَه من تأثرهم بكلامه ، فتحدّاهم بأنهم إن أعرضوا عن الانتصاح لنصحه سيندمون حين يرون العذاب إما في الدنيا كما اقتضاه تهديده لهم بقوله { إنِّي أخافُ عليكم مِثْلَ يَوْمِ الأحْزَابِ } غافر 30 ، أو في الآخرة كما اقتضاه قوله { إنِّي أخافُ عليكم يَومَ التَّنادِ } غافر 32 ، فالفاء تفريع على جملة { ما لِيَ أدْعُوكم إلى النجاةِ وتَدْعُونني إلى النَّار } غافر 41 . وفعل { ستذكرون } مشتق من الذُّكْر بضم الذال وهو ضد النسيان ، أي ستذكرون في عقولكم ، أي ما أقول لكم الآن يحضر نصب بصائركم يوم تحققه ، فشبه الإِعراض بالنسيان ورمز إلى النسيان بما هو من لوازمه في العقل مُلازمةَ الضد لضده وهو التذكر على طريقة المكنية وفي قرينتها استعارة تبعية . والمعنى سيحلّ بكم من العذاب ما يُذَكِّركم ما أقوله إنَّه سيحل بكم . وجملة { وَأُفَوِّضُ أمرِي إلى الله } عطف على جملة { ما لي أدعوكم إلى النجوٰة وتدعونني إلى النار } ، ومساق هذه الجملة مساق الانتصاف منهم لما أظهروه له من الشرّ ، يعني أني أَكِل شأني وشأنكم معي إلى الله فهو يجزي كل فاعل بما فعل ، وهذا كلام مُنصِف فالمراد بــــ { أمري } شأني ومُهمّي . ويدل لمعنى الانتصاف تعقيبه بقوله { إن الله بَصيرٌ بالعِبَادِ } معللاً تفويض أمره معهم إلى الله بأن الله عليم بأحوال جميع العباد فعموم العباد شَمِله وشمل خصومَهُ . وقال في « الكشاف » قوله { وأُفَوِّضُ أمرِي إلى الله } لأنهم توعدوه ا هــــ . يعني أن فيه إشعاراً بذلك بمعونة ما بعده . و { العباد } الناس يطلق على جماعتهم اسم العباد ، ولم أر إطلاق العبد على الإِنسان الواحد ولا إطلاق العبيد على الناس . والبصير المطلع الذي لا يخفى عليه الأمر . والبَاء للتعدية كما في قوله تعالى { فبصرت به عن جنب } القصص 11 ، فإذا أرادوا تعدية فعل البصر بنفسه قالوا أبصره .