Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 62-62)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اتصل الكلام على دلائِل التفرد بالإِلهية من قوله { ذٰلِكُمُ الله رَبُّكُم خٰلِقُ كلِّ شَيءٍ } غافر 62 إلى قوله { مُخْلِصين له الدِّينَ } غافر 65 اتصالَ الأدلة بالمستدل عليه . والإِشارة بــــ { ذلكم } إلى اسم الجلالة في قوله { الله الَّذِي جَعَلَ لَكُم الليْلَ لِتَسْكنوا فِيه } غافر 61 . وعدل عن الضمير إلى اسم الإِشارة لإِفادة أنه تعالى معلوم متميز بأفعاله المنفرد بها بحيث إذا ذكرت أفعاله تميز عما سواه فصار كالمشاهد المشار إليه ، فكيف تلتبس إلهيته بإلهية مزعومة للأصنام فليست للذين أشركوا به شبهة تلبِّس عليهم ما لا يفعلُ مثلَ فعله ، أي ذلكم ربكم لا غيره وفي اسم الإِشارة هذا تعريض بغباوة المخاطبين الذين التبست عليهم حقيقة إلهيته . وقوله { الله رَبُّكم خٰلِقُ كل شَيْءٍ لا إلٰه إلا هُو } أخبار أربعة عن اسم الإِشارة ، ابتدىء فيها بالاسم الجامع لصفات الإِلهية إجمالاً ، وأردف بــــ { ربكم } أي الذي دبر خلق الناس وهيّأ لهم ما به قوام حياتهم . ولما كان في معنى الربوبية من معنى الخلق ما هو خَلْق خاص بالبشر بأنه خالق الأشياء كلها كما خلقهم ، وأردف بنفي الإِلهية عن غيره فجاءت مضامين هذه الأخبار الأربعة مترتبة بطريقة الترقّي ، وكان رابعها نتيجة لها ، ثم فرع عليها استفهام تعجيبي من انصرافهم عن عبادته إلى جانب عبادة غيره مع وضوح فساد إعراضهم عن عبادته . و { أَنَّى } اسم استفهام عن الكيفية ، وأصله استفهام عن المكان فإذا جعلوا الحالة في معنى الجانب ومثار الشيء استفهموا بــــ أنّى عن الحالة ويشعر بذلك قوله تعالى { أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة } في سورة الأنعام 101 . و { تؤفكون } تُصرفون ، وتقدم في قوله تعالى { قاتلهم اللَّه أنّى يؤفكون } في سورة براءة 30 ، وبناؤه للمجهول لإِجمال بسبب إعراضهم إذ سيُبين بحاصل الجملة بعده .