Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 8-9)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

إعادة النداء في خلال جمل الدعاء اعتراض للتأكيد بزيادة التضرع ، وهذا ارتقاء من طلب وقايتهم العذاب إلى طلب إدخالهم مكان النعيم . والعَدْن الإِقامة ، أي الخلود . والدعاء لهم بذلك مع تحققهم أنهم موعودون به تأدُب مع الله تعالى لأنه لا يُسأل عما يفعل ، كما تقدم في سورة آل عمران 194 قوله { ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك } ويجوز أن يكون المراد بقولهم { وأدخلهم } عَجِّل لهم بالدخول . ويجوز أن يكون ذلك تمهيداً لقولهم { وَمَن صَلَح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم } فإن أولئك لم يكونوا موعودين به صريحاً . و { من صلح } عطف على الضمير المنصوب في { أدخلهم } . والمعنى دعاء بأن يجعلهم الله معهم في مساكن متقاربة ، كما تقدم في قوله تعالى { هم وأزواجهم في ظلال } في سورة يس 56 ، وقوله { ألحقنا بهم ذرياتهم } في سورة الطور 21 . ورُتبت القرابات في هذه الآية على ترتيبها الطبيعي فإن الآباء أسبق علاقة بالأبناء ثم الأزواجُ ثم الذريات . وجملة { إنَّك أنت العَزِيز الحَكِيم } اعتراض بين الدعوات استقصاء للرغبة في الإِجابة بداعي محبة الملائكة لأهل الصلاح لما بين نفوسهم والنفوس الملكية من التناسب . واقتران هذه الجملة بحرف التأكيد للاهتمام بها . و إنَّ في مثل هذا المقام تُغني غَناء فاء السببية ، أي فعزتُك وحكمتك هما اللتان جَرَّأَتَانَا على سؤال ذلك من جلالك ، فالعزة تقتضي الاستغناء عن الانتفاع بالأشياء النفيسة فلما وَعد الصالحين الجنة لم يكن لله ما يضنه بذلك فلا يصدر منه مطل ، والحكمةُ تقتضي معاملة المحسن بالإِحسان . وأعقبوا بسؤال النجاة من العذاب والنعيم بدار الثواب بدعاء بالسلامة من عموم كل ما يسوءهم يوم القيامة بقولهم { وَقِهِم السيئات } وهو دعاء جامع إذ السيئات هنا جمع سيئة وهي الحالة أو الفعلة التي تسوء من تعلقت به مثل ما في قوله { فوقاه اللَّه سيئات ما مكروا } غافر45 وقوله تعالى { وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه } الأعراف 131 صيغت على وزن فَيْعَلَة للمبالغة في قيام الوصف بالموصوف مثل قيّم وسيّد وصيقل ، فالمعنى وقِهِمْ من كل ما يسوءهم . فالتعريف في { السَّيّئَاتِ } للجنس وهو صالح لإِفادة الاستغراق ، فوقوعه في سياق ما هو كالنفي وهو فعل الوقاية يفيد عموم الجنس ، على أن بساط الدعاء يقتضي عموم الجنس ولو بدون لام نفي كقول الحريري @ يا أهلَ ذا المغنى وُقيتم ضُرا @@ وفي الحديث " اللهم أعط منفقاً خَلفاً ، ومُمسكاً تلَفاً " أي كلّ منفق ومُمسك . والمراد إبلاغ هؤلاء المؤمنين أعلى درجات الرضى والقبول يومَ الجزاء بحيث لا ينالهم العذاب ويكونون في بحبوحة النعيم ولا يعتريهم ما يكدرهم من نحو التوبيخ والفضيحة . وقد جاء هذا المعنى في آيات كثيرة كقوله { فوقاهم اللَّه شر ذلك اليوم } الإنسان 11 . وجملة { ومن تَققِ السَّيئات يومئذ فقد رحمته } تذييل ، أي وكل من وقي السيئات يوم القيامة فقد نالته رحمة الله ، أي نالته الرحمة كاملة ففعل { رحمته } مراد به تعظيم مصدره . وقد دل على هذا المراد في هذه الآية قوله { وَذٰلِك هُوَ الفَوْزُ العَظِيم } إذ أشير إلى المذكور من وقاية السيئات إشارةً للتنويه والتعظيم . ووصف الفوز بالعظيم لأنه فوز بالنعيم خالصاً من الكدرات التي تنقص حلاوة النعمة . وتنوين { يومئذ } عوض عن المضاف إليه ، أي يوم إذ تدخلهم جنات عدن .