Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 41, Ayat: 17-17)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

بقية التفصيل الذي في قوله { فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا } فصلت 15 . ولما كان حال الأمتين واحداً في عدم قبول الإرشاد من جانب الله تعالى كما أشار إليه قوله تعالى { لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لأَنْزَلَ مَلائِكَةً } فصلت 14 كان الإِخبار عن ثمود بأن الله هَداهم مقتضياً أنه هدَى عاداً مثل ما هدى ثمود وأن عاداً استحبوا العَمى على الهدى مثل ما استحبت ثمود . والمعنى وأما ثمودُ فهديناهم هداية إرشاد برسولنا إليهم وتأييده بآية الناقة التي أخرجها لهم من الأرض . فالمراد بالهداية هنا الإرشاد التكليفي ، وهي غير ما في قوله { ومن يهد اللَّه فما له من مضل } الزمر 37 فإن تلك الهداية التكوينية لمقابلته بقوله { وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } غافر 33 . واستحبوا العمى معناه أحبّوا ، فالسين والتاء للمبالغة مثلهما في قوله { فاستكْبُروا في الأرضِ بغيرِ الحَقِّ } فصلت 15 ، أي كان العمى محبوباً لهم . والعمى هنا مستعار للضلال في الرأي ، أي اختاروا الضلال بكسبهم . وضُمن استحبوا معنى فَضَّلوا ، وَهَيَّأ لهذا التضمين اقترانُه بالسين والتاء للمبالغة لأن المبالغة في المحبة تستلزم التفضيل على بقية المحبوبات فلذلك عدّي استحبوا بحرف { على } ، أي رجحوا باختيارهم . وتعليق { عَلَى الهُدَىٰ } بفعل استحبوا لتضمينه معنى فضّلوا وآثروا . وفُرع عليه { فَأَخَذَتْهُم صٰعِقَةُ العَذَابِ الهُونِ } ، وكان العقاب مناسباً للجُرم لأنهم استحبوا الضلال الذي هو مثل العمى ، فمن يستحبه فشأنه أن يحب العمى ، فكان جزاؤهم بالصاعقة لأنها تُعمِي أبصارهم في حين تهلكهم قال تعالى { يكاد البرق يخطف أبصارهم } البقرة 20 . والأخذ مستعار للإصابة المهلكة لأنها اتصال بالمُهلَك يُزيله من الحياة فكأنه أخذ باليد . والصاعقة الصيْحة التي تنشأ في كهربائية السحاب الحامل للماء فتنقدح منها نار تهلك ما تصيبه . وإضافة { صٰعِقَةُ } إلى { العَذَابِ } للدلالة على أنها صاعقة تُعَرّف بطريق الإضافة إذ لا يُعرِّفَ بها إلا ما تضاف إليه ، أي صاعقة خارقة لمعتاد الصواعق ، فهي صاعقة مسخرة من الله لعذاب ثمود ، فإن أصل معنى الإضافة أنها بتقدير لام الاختصاص فتعريف المضاف لا طريق له إلا بيان اختصاصه بالمضاف إليه . و { العذاب } هو الإِهلاك بالصعق ، ووصف بــــ { الهُونِ } كما وصف العذاب بالخزي في قوله { لنُذيقَهُم عَذَابَ الْخِزي } فصلت 16 ، أي العذاب الذي هو سبب الهُون . و { الهُون } الهوان وهو الذل ، ووجه كونه هَواناً أنه إهلاك فيه مذلة إذ استُؤْصلوا عن بكرة أبيهم وتُركوا صرعى على وجه الأرض كما بيناه في مهلك عاد . أي أخذتهم الصاعقة بسبب كسبهم في اختيارهم البقاء على الضلال بإعراضهم عن دعوة رسولهم وعن دلالة آياته . ويعلم من قوله في شأن عاد { وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى } فصلت 16 أن لثمود عذاباً في الآخرة لأن الأمتين تماثلتا في الكفر فلم يذكر ذلك هنا اكتفاء بذكره فيما تقدم . وهذا مُحسِّن الاكتفاء ، وهو محسِّن يرجع إلى الإيجاز .