Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 41, Ayat: 35-35)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
عطف على جملة { ادفع بالتي هي أحسن } فصلت 34 ، أو حال من التي هي أحسن ، وضمير { يُلَقَّاهَآ } عائد إلى التي هي أحسن باعتبار تعلقها بفعل ادْفَعْ ، أي بالمعاملة والمدافعة التي هي أحسن ، فأما مطلق الحسنة فقد يحصل لغير الذين صبروا . وهذا تحريض على الارتياض بهذه الخصلة بإظهار احتياجها إلى قوة عزم وشدة مراس للصبر على ترك هوى النفس في حب الانتقام ، وفي ذلك تنويه بفضلها بأنها تلازمها خصلة الصبر وهي في ذاتها خصلة حميدة وثوابها جزيل كما علم من عدة آيات في القرآن ، وحسبك قوله تعالى { إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر } العصر 2 ، 3 . فالصابر مرتاض بتحمل المكاره وتجرع الشدائد وكظم الغيظ فيهون عليه ترك الانتقام . و { يُلقَّاها } يُجعل لاَقِياً لها ، أي كقوله تعالى { ولقاهم نضرة وسروراً } الإنسان 11 ، وهو مستعار للسعي لتحصيلها لأن التحصيل على الشيء بعد المعالجة والتخلق يشبه السعي لملاقاة أحد فيلقاه . وجيء في { يلقاها } بالمضارع في الموضعين باعتبار أن المأمور بالدفع بالتي هي أحسن مأمور بتحصيل هذا الخلق في المستقبل ، وجيء في الصلة وهي { الَّذِينَ صَبَرُوا } بالماضي للدلالة على أن الصبر خلُق سابق فيهم هو العون على معاملة المسيء بالحسنى ، ولهذه النكتة عدل عن أن يقال إلا الصابرون ، لنكتة كون الصبر سجية فيهم متأصلة . ثم زيد في التنويه بها بأنها ما تَحْصُل إلا لِذي حظ عظيم . والحظ النصيب من الشيء مطلقاً ، وقيل خاص بالنصيب من خير ، والمراد هنا نصيب الخير ، بالقرينة أو بدلالة الوضع ، أي ما يحصل دفع السيئة بالحسنة إلا لصاحب نصيب عظيم من الفضائل ، أي من الخلق الحسن والاهتداء والتقوى . فتحصَّل من هذين أن التخلق بالصبر شرط في الاضطلاع بفضيلة دفع السيئة بالتي هي أحسن ، وأنه ليس وحده شرطاً فيها بل وراءه شروط أُخر يجمعها قوله { حَظٍ عظيم } ، أي من الأخلاق الفاضلة ، والصبرُ من جملة الحظ العظيم لأن الحظ العظيم أعمّ من الصبر ، وإنما خص الصبر بالذكر لأنه أصلها ورأس أمرها وعمودُها . وفي إعادة فعل { ومَا يُلقاها } دون اكتفاء بحرف العطف إظهار لمزيد الاهتمام بهذا الخبر بحيث لا يستِتر من صريحه شيء تحتَ العاطف . وأفاد { ذُو حَظّ عَظِيمٍ } أن الحظ العظيم من الخير سجيتُه وملكته كما اقتضته إضافة { ذو } . وحاصل ما أشار إليه الجملتان أنّ مِثْلَك من يتلقى هذه الوصية وما هي بالأمر الهيّن لكل أحد .