Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 41, Ayat: 40-40)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِىۤ ءَايَـٰتِنَا لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَآ } استئناف ابتدائي قصد به تهديد الذين أهملوا الاستدلال بآيات الله على توحيده . وقوله { لا يخفون علينا } مراد به الكناية عن الوعيد تذكيراً لهم بإحاطة علم الله بكل كائن ، وهو متصل المعنى بقوله آنفاً { وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم } فصلت 22 الآية . والإِلحاد حقيقته الميل عن الاستقامة ، والآيات تشمل الدلائل الكونية المتقدمة في قوله { قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين } فصلت 9 وقوله { ومن آياته الليل والنهار } فصلت 37 الخ . وتشمل الآيات القولية المتقدمة في قوله { وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه } فصلت 26 . فالإِلحاد في الآيات مستعار للعدول والانصراف عن دلالة الآيات الكونية على ما دلت عليه . والإلحاد في الآيات القولية مستعار للعدول عن سَماعها وللطعن في صحتها وصرف الناس عن سماعها . وحرف { في } مِن قوله { فِي ءايٰتِنَا } للظرفية المجازية لإِفادة تمكن إلحادهم حتى كأنه مظروف في آيات الله حيثما كانت أو كلما سمعوها . ومعنى نفي خفائهم نفي خفاء إلحادهم لا خفاء ذواتهم إذ لا غرض في العلم بذواتهم . { أَفَمَن يُلْقَىٰ فِى ٱلنَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِىۤ ءَامِناً يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } . تفريع على الوعيد في قوله { لا يَخْفُونَ عَلَيْنَا } لبيان أن الوعيد بنار جهنم تعريض بالمشركين بأنهم صائرون إلى النار ، وبالمؤمنين بأنهم آمنون من ذلك . والاستفهام تقريع مستعمل في التنبيه على تفاوت المرتبتين . وكنّي بقوله { يَأتِي ءَامِناً } أن ذلك الفريق مصيره الجنة إذ لا غاية للأمن إلا أنه في نعيم . وهذه كناية تعريضية بالذين يُلحدون في آيات الله . وفي الآية محسن الاحتباك ، إذ حذف مقابل من يُلقَى في النار وهو من يدخل الجنة ، وحذف مقابل { مَن يأتي ءامناً } وهو من يأتي خائفاً ، وهم أهل النار . { ٱعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } الجملة تذييل لجملة { إنَّ الذين يُلْحِدون في ءايٰتنا } الخ ، كما دل عليه قوله عقبه { إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم } فصلت 41 الآية ، أي لا يخفى علينا إلحادهم ولا غيره من سيِّىء أعمالهم . وإنما خص الإِلحاد بالذكر ابتداء لأنه أشنع أعمالهم ومصدر أسوائها . والأمر في قوله { اعْمَلُوا ما شِئْتُم } مستعمل في التهديد ، أو في الإِغراء المكنّى به عن التهديد . وجملة { إنَّه بِمَا تعمَلونُ بَصِيرٌ } وعيد بالعقاب على أعمالهم على وجه الكناية . وتوكيده بــــإنَّ لتحقيق معنييه الكنائي والصريح ، وهو تحقيق إحاطة علم الله بأعمالهم لأنهم كانوا شاكين في ذلك كما تقدم في قصة الثلاثة الذين نزل فيهم قوله تعالى { وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم } فصلت 22 الآية . والبصير العليم بالمبصرات .