Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 42, Ayat: 16-16)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

عطف على جملة { وقل آمنت بما أنزل الله } الشورى 15 الخ ، وهو يقتضي انتقال الكلام ، فلما استوفى حظ أهل الكتاب في شأن المحاجّة معهم ، رجع إلى المشركين في هذا الشأن بقوله { والذين يحاجون في الله } الآية . وتغيير الأسلوب بالإتيان بالاسم الظاهر الموصول وكونِ صلته مادة الاحتجاج مؤذن بتغيير الغرض في المتحدث عنهم مع مناسبة ما ألحق به من قوله { يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها } الشورى 18 وقوله { أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدّين ما لم يأذن به الله } الشورى 21 ، فالمقصود بــ { الذين يحاجّون في الله من بعد ما استجيب له } المشركون لأنهم يحاجّون في شأن الله وهو الوحدانية دون اليهود من أهل الكتاب فإنهم لا يحاجّون في تفرد الله بالإلهٰية . وعن مجاهد أنه قال { الذين يحاجون في الله } رجال طمعوا أن تعود الجاهلية بعد ما دَخل الناس في الإسلام . ووقع في كلام ابن عباس عند الطبري أنّهم اليهود والنصارى . فمعنى محاجتهم في الله محاجتهم في دين الله ، أي إدخالهم على النّاس الشك في صحّة دين الإسلام أو في كونه أفضل من اليهودية والنصرانية . ومحاجتهم هي ما يُلبسوه به على المسلمين لإدخال الشك عليهم في اتّباع الإسلام كقول المشركين { ما لهذا الرّسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملَك فيكون معه نذيراً } الفرقان 7 وقولهم في الأصنام { هؤلاء شفعاؤنا عند الله } يونس 18 وقولِهم في إنكار البعث { أإِذَا مِتْنا وكنا تراباً ذلك رَجعٌ بعيدٌ } ق 3 وقولهم { إنْ نتبعِ الهُدى معَك نُتَخَطَّف من أرضنا } القصص 57 ، وكقول أهل الكتاب نحن الذين على دين إبراهيم ، وقولهم كتابنا أسبق من كتاب المسلمين . وإطلاق اسم الحجة على شبُهاتهم مجاراة لهم بطريق التهكم ، والقرينةُ قوله { داحضة عند ربهم } . ومفعول { يحاجون } محذوف دلّ عليه قوله { من بعد ما استجيب له } ، والتقدير يحاجون المستجيبين لله من بعد ما استجابوا له ، أي استجابوا لدعوته على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم . وحذف فاعل { استجيب } إيجازاً لأن المقصود من بعد حصول الاستجابة المعروفة . والداحضة التي دَحَضت بفتح الحاء ، يقال دَحَضت رِجلُه تدحض بفتح الحاء دُحوضاً ، أي زلت . استعير الدحض للبطلان بجامع عدم الثبوت كما لا تثبت القدَم في المكان الدَّحْضِ ، ولم يبيَّن وجه دحضها اكتفاء بما بُيِّن في تضاعيف ما نَزل من القرآن من الأدلة على فساد تعدد الآلهة ، وعلى صدق الرّسول صلى الله عليه وسلم وعلى إمكان البعث ، وبما ظهر للعيان من تزايد المسلمين يوماً فيوماً ، وأمنهم من أن يُعتدى عليهم . والغَضب غضب الله ، وإنما نكّر للدلالة على شدته . ولم يُحْتَجْ إلى إضافته إلى اسم الجلالة أو ضميره لظهور المقصود من قوله { حجتهم داحضة عند ربهم } فالتقدير وعليهم غضب منه . وإنما قدم المسند على المسند إليه بقوله { وعليهم غضب } للاهتمام بوقوع الغضب عليهم كما هو مقتضى حرف الاستعلاء المَجازي . وكذلك القول في { ولهم عذاب شديد } . ولعل المراد به عذاب السيف في الدّنيا بالقتل يوم بدر .