Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 18-18)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَسْتَعْجِلُ بِهَا ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا ٱلْحَقُّ } . يجوز أن تكون جملة { يستعجل بها } إلى آخرها حالاً من { الساعة } الشورى 17 . ويجوز أن تكون بياناً لجملة { وما يدريك لعل الساعة قريب } الشورى 17 لما تضمنته من التنبيه والتهيئة بالنسبة إلى فريقي المؤمنين بالسّاعة ، والذين لا يؤمنون بها ، فذكر فيها حال كلا الفرِيقين تجاه ذلك التنبيه . فأما المشركون فيتلقونه بالاستهزاء والتصميم على الجحد بها ، وهو المراد بقوله { يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها } ، والذين آمنوا بها يعملون لما به الفوز عندها ، ولذلك جيء عقبها بجملة { ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد } كما سيأتي . والاستعجال طلب التعجيل ، وتقدم في قوله تعالى { استعجالهم بالخير } في سورة يونس 11 ، أي يطلب الذين لا يؤمنون بالسّاعة من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعجّل الله بحلول السّاعة ليبين صدقه ، تهكماً واستهزاء وكناية عن اتخاذهم تأخرها دليلاً على عدم وقوعها ، وهم آيسون منها كما دلّ عليه قوله في مقابله والذين آمنوا مشفقون منها . وقد تكرر منهم هذا المعنى بأساليب ذكرت في تضاعيف آي القرآن كقوله { ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين } سبأ 29 { وقالوا ربَّنا عَجِّلْ لنا قِطَّنَا قبل يوم الحساب } ص 16 . والإشفاق رجاء وقوع ما يكره ، أي مشفقون من أهوالها ، وتقدم في قوله { وهم من خشيته مشفقون } الأنبياء 28 . وإنما جعل الإشفاق من ذات الساعة لإفادة تعظيم أهوالها حتى كأن أحوالها هي ذاتها ، على طريقة إسناد الحكم ونحوِه إلى الأعيان نحو { حُرِّمت عليكم الميتةُ } المائدة 3 ، فهم يتوخون النجاة منها بالطاعة والتقوى ، أي فهم لا يستعجلون بها وإنما يغتنمون بقاءهم في الدّنيا للعمل الصالح والتوبة . والمراد بــ { الذين لا يؤمنون } المشركون ، وعبر عنهم بالموصول لأن الصلة تدلّ على علة استعجالهم بها ، والمراد بالذين آمنوا المسلمون فإن هذا لقب لهم ، ففي الكلام احتباك ، تقديره يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها فلا يشفقون منها والذين آمنوا مشفقون منها فلا يستعجلون بها . وعُطفت على { مشفقون منها } جملةُ { ويعلمون أنها الحق } لإفادة أن إشفاقهم منها إشفاق عن يقين وجزم لا إشفاقٌ عن تردد وخشيَةِ أن يكشف الواقع على صدق الإخبار بها وأنه احتمال مساوٍ عندهم . وتعريف { الحق } في قوله { أنّها الحق } تعريف الجنس وهو يفيد قصر المسند على المسند إليه قصر مبالغة لكمال الجنس في المسند إليه نحو عنترةُ الشجاع ، أي يوقنون بأنها الحق كل الحق ، وذلك لظهور دلائل وقوعها حتى كأنه لا حق غيره . { أَلاَ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُمَارُونَ فَي ٱلسَّاعَةِ لَفِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ } . الجملة تذييل لما قبلها بصريحها وكنايتها لأن صريحها إثبات الضلال للذين يكذِّبون بالساعة وكنايتها إثباتُ الهدى للذين يؤمنون بالساعة . وهذا التذييل فذلكة للجملة التي قبلها . وافتتاح الجملة بحرف { أَلاَ } الذي هو للتنبيه لقصد العناية بالكلام . والمُمَاراة مفاعلة من المِرْية بكسر الميم وهي الشك . والمماراة المُلاحَّة لإدخال الشك على المجادل ، وقد تقدم في قوله تعالى { فلا تمارِ فيهم } في سورة الكهف 22 . وجُعل الضلال كالظرف لهم تشبيهاً لتلبسهم بالضلال بوقوع بالمظروف في ظرفه ، فحرف { في } للظرفية المجازية . ووصف الضلال بالبعيد وصفٌ مجازي ، شُبه الكفر بضلال السائر في طريق وهو يكون أشد إذا كان الطريق بعيداً ، وذلك كناية عن عسر إرجاعه إلى المقصود . والمعنى لفي ضلال شديد ، وتقدم في قوله { فَقَدْ ضَلَّ ضلالاً بعيداً } في سورة النساء 116 .