Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 19-19)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

عَطف على { وجعلوا له من عباده جزءاً } الزخرف 15 ، أعيد ذلك مع تقدم ما يغني عنه من قوله { أم اتخذَ مما يخلق بناتٍ } الزخرف 16 ليبْنَى عليه الإنكار عليهم بقوله { أَأُشهدوا خلقهم } استقراء لإبطال مقالهم إذ أُبطل ابتداءً بمخالفته لدليل العقل وبمخالفته لما يجب لله من الكمال ، فكمُل هنا إبطاله بأنه غير مستند لدليل الحس . وجملة { الذين هم عند الرحمٰن } صفة الملائكة . قرأ نافع وابن كثير وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب { عند } بعين فنون ودال مفتوحة والعندية عندية تشريف ، أي الذين هم معدودون في حضرة القدس المقدسة بتقديس الله فهم يتلقون الأمر من الله بدون وساطة وهم دائبون على عبادته ، فكأنهم في حضرة الله ، وهذا كقوله { وله من في السماوات والأرض ومَن عنده } الأنبياء 19 وقوله { إن الذين عند ربّك لا يستكبرون عن عبادته } الأعراف 206 ومِنْه قول النبي صلى الله عليه وسلم " تحاجَّ آدمُ وموسى عندَ الله عز وجل " الحديث ، فالعندية مجاز والقرينة هي شأن من أضيف إليه { عِنْد } . وقرأ الباقون { عِبَادُ الرّحمٰن } بعين وموحدة بعدها ألف ثم دال مضمومة على معنى الذين هم عباد مُكرمون ، فالإضافة إلى اسم الرحمان تفيد تشريفهم قال تعالى { بل عبادٌ مكرمون } الأنبياء 26 والعبودية عبودية خاصة وهي عبودية القرب كقوله تعالى { فكذّبوا عَبْدنَا } القمر 9 . وجملة { أَأُشهدوا خلقهم } معترضة بين جملة { وجعلوا الملائكة } وجملةِ { وقالوا لو شاء الرّحمٰن ما عبدناهم } الزخرف 20 . وقرأ نافع وأبو جعفر بهمزتين أولاهما مفتوحة والأخرى مضمومة وسكون شين { أَأُشْهدوا } مبنياً للنائب وكيفية أداء الهمزتين يَجري على حكم الهمزتين في قراءة نافع ، وعلى هذه القراءة فالهمزة للاستفهام وهو للإنكار والتوبيخ . وجيء بصيغة النائب عن الفاعل دون صيغة الفاعل لأن الفاعِل معلوم أنه الله تعالى لأن العالَم العلوي الذي كان فيه خلق الملائكة لا يحضره إلا مَن أمر الله بحضوره ، ألا ترى إلى ما ورد في حديث الإسراء من قول كُلّ ملَك موكَّلٍ بباب من أبواب السماوات لِجبريل حين يستفتح من أنت ؟ قال جبريل ، قال ومن معك ؟ قال محمد قال وقد أرسل إليه ؟ قال نعم ، قال مرحباً ونعم المجيء جاء وفتح له . والمعنى أأشهدهم الله خلق الملائكة وكقوله تعالى { ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض } الكهف 51 . وقرأه الباقون بهمزة مفتوحة فشين مفتوحة بصيغة الفعل ، فالهمزة لاستفهام الإنكار دخلت على فعل شَهِد ، أي ما حضروا خلق الملائكة على نحو قوله تعالى { أم خلقنا الملائكة إناثاً وهم شاهدون } الصافات 150 . وجملة { ستكتب شهادتهم } بدل اشتمال من جملة { أَأُشهدوا خلقهم } لأن ذلك الإنكار يشتمل على الوعيد . وهذا خبر مستعمل في التوعد . وكتابة الشهادة كناية عن تحقق العقاب على كذبهم كما تقدم آنفاً في قوله { وإنه في أُم الكتاب لدينا لعليٌّ حكيم } الزخرف 4 ومنه قوله تعالى { سنكتب ما قالوا } آل عمران 181 . والسِّين في { ستكتب } لتأكيد الوعيد . والمراد بشهادتهم ادعاؤهم أن الملائكة إناثاً ، وأطلق عليها شهادة تهكماً بهم . والسؤال سؤال تهديد وإنذار بالعقاب وليس مما يتطلب عنه جواب كقوله تعالى { ثم لتُسألُنّ يومئذٍ عن النعيم } التكاثر 8 ، ومنه قول كعب بن زهير @ لَذاكَ أهيبُ عندي إذْ أُكلمه وقيل إنّك مَنْسُوبٌ ومَسْؤول @@ أي مسؤول عما سبق منك من التكذيب الذي هو معلوم للسائِل .