Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 85-85)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
عطف على { سبحان ربّ السماوات والأرض } الزخرف 82 ، قصد منه إتباع إنشاء التنزيه بإنشاء الثناء والتمجيد . و { تبارك } خبر مستعمل في إنشاء المدح لأن معنى { تبارك } كان متصفاً بالبَركة اتصافاً قوياً لما يدل عليه صيغة تفَاعَل من قوة حصول المشتق منه لأن أصلها أن تدل على صدور فعل من فاعلين مثل تقاتل وتمارى ، فاستعملت في مجرد تكرر الفعل ، وذلك مثل تسامى وتعالى . والبركَة الزيادة في الخير . وقد ذكر مع التنزيه أنه رب السماوات والأرض لاقتضاء الربوبية التنزيهَ عن الولد المسوق الكلام لنفيه ، وعن الشريك المشمول لقوله { عما يصفون } الزخرف 82 ، وذُكر مع التبريك والتعظيم أن له مُلك السماوات والأرض لمناسبة الملك للعظمة وفيْضِ الخير ، فلا يَرِيبك أنَّ { ربِّ السماوات والأرض } الزخرف 82 مغنٍ عن { الذي له مُلك السماوات والأرض } ، لأن غرض القرآن التذكير وأغراضُ التذكير تخالف أغراض الاستدلال والجدل ، فإن التذكير يلائم التنبيه على مختلف الصفات باختلاف الاعتبارات والتعرض للاستمداد من الفضل . ثم إنّ صيغة { تبارك } تدل على أن البركة ذاتية لله تعالى فيقتضي استغناءه عن الزيادة باتخَاذِ الولد واتخاذِ الشريك ، فبهذا الاعتبار كانت هذه الجملة استدلالاً آخر تابعاً لدليل قوله { سبحان رب السماوات والأرض رب العرش عما يصفون } الزخرف 82 . وقد تأكد انفراده بربوبية أعظم الموجودات ثلاث مرات بقوله { رب العرش } الزخرف 82 وقوله { وهو الذي في السماء إلٰه وفي الأرض إلٰه } الزخرف 84 وقوله { الذي له ملك السماوات والأرض وما بينهما } . فكم من خصائص ونكت تنهالُ على المتدبر من آيات القرآن التي لا يحيط بها إلا الحكيم العليم . ولما كان قوله { الذي له ملك السماوات والأرض } مفيداً التصرف في هذه العوالم مدة وجودها ووجودِ ما بينها أردفه بقوله { وعنده علم الساعة وإليه ترجعون } للدلالة على أن له مع ملك العوالم الفانية مُلك العوالم الباقية ، وأنه المتصرف في تلك العوالم بما فيها بالتنعيم والتعذيب ، فكان قوله { وعنده علم الساعة } توطئة لقوله { وإليه ترجعون } وإدماجاً لإثبات البعث . وتقديم المجرور في { إليه ترجعون } لقصد التقوّي إذ ليس المخاطبون بمثبتين رُجْعَى إلى غيره فإنهم لا يؤمنون بالبعث أصلاً . وأما قولهم للأصنام { هؤلاء شفعاؤنا عند الله } يونس 18 فمرادهم أنهم شفعاء لهم في الدنيا أو هو على سبيل الجدل ولذلك أتبع بقوله { ولا يملك الذين يَدْعُون من دونه الشفاعة } الزخرف 86 . وقرأ الجمهور { ترجعون } بالفوقية على الالتفات من الغيبة إلى الخطاب للمباشرة بالتهديد . وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي بالتحتية تبعاً لأسلوب الضمائر التي قبله ، وهم متفقون على أنه مبني للمجهول .