Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 46, Ayat: 23-23)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما جعلوا قولهم { فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين } الأحقاف 22 فصْلا بينهم وبينه فيما أنذرهم من كون عبادة غير الله توجب عذاب يوم عظيم ، كان الأمر في قولهم { فأتنا } مقتضياً الفور ، أي طلب تعجيله ليدل على صدقه إذ الشأن أن لا يتأخر عن إظهار صدقه لهم . وإسناد الإتيان بالعذاب إليه مجاز لأنه الواسطة في إتيان العذاب أن يدعو الله أن يعجّله ، أو جعلوا العذاب في مكنته يأتي به متى أراد ، تهكما به إذ قال لهم إنه مرسل من الله فجعلوا ذلك مقتضياً أن بينه وبين الله تعاوناً وتطاوعاً ، أي فلا تتأخر عن الإتيان به . وقد دل على هذا الاقتضاء قوله لهم حين نزول العذاب { بل هو ما استعجلتم به } الأحقاف 24 فلذلك كان جوابه أنْ قال { إنما العلم عند الله } أي علم وقت إتيان العذاب محفوظ عند الله لا يطلع عليه أحد ، فالتعريف في { العلم } للاستغراق العرفي ، أي علم المغيبات ، أو التعريف عوض عن المضاف إليه ، أي وقت العذاب . وهذا الجواب يجري على جميع الاحتمالات في معنى قولهم { فأتِنا بما تَعِدُنا } لأن جميعها يقتضي أنه عالم بوقته . والحصر هنا حقيقي كقوله { لا يُجَلِّيها لوقتها إلا هو } الأعراف 187 والمقصود من هذا الحصر شموله نفي العلم بوقت العذاب عن المتكلم رداً على قولهم { فأتنا بما تعدنا } . و { عند } هنا مجاز في الانفراد بالعلم ، أي فالله هو العالم بالوقت الذي يرسل فيه العذاب لحكمة في تأخيره . ومعنى { وأبلغكم ما أرسلت به } أنه بُعث مبلغاً أمر الله وإنذاره ولم يُبعث للإعلام بوقت حلول العذاب كقوله تعالى { يسألونك عن الساعة أيان مرساها فِيمَ أنت من ذكراها إلى ربك منتهاها إنما أنت منذر من يخشاها } النازعات 42 ـــ 45 ، فقوله { أبلغكم ما أرسلت به } جملة معترضة بين جملة { إنما العلم عند الله } وجملة { ولكني أراكم قوماً تجهلون } . وموقع الاستدراك بقوله { ولكني أراكم قوماً تجهلون } أنه عن قوله { إنما العلم عند الله } ، أي ولكنكم تجهلون صفات الله وحِكمة إرساله الرسل ، فتحسبون أن الرسل وسائط لإنهاء اقتراح الخلق على الله أن يريهم العجائب ويساجلهم في الرغائب ، فمناط الاستدراك هو معمول خبر لكنّ وهو { قوماً تجهلون } ، والتقدير ولكنكم قوم يَجهلون ، فإدخال حرف الاستدراك على ضمير المتكلم عدول عن الظاهر لئلا يبادرهم بالتجهيل استنزالاً لطائرهم ، فجعل جهلهم مظنوناً له لينظروا في صحة ما ظنه من عدمها . وإنما زيد { قوماً } ولم يقتصر على { تجهلون } للدلالة على تمكن الجهالة منهم حتى صارت من مقوّمات قوميتهم وللدلالة على أنها عمت جميع القبيلة كما قال لوط لقومه { أليس منكم رجل رشيد } هود 78 . وقرأ الجمهور { وأبلّغكم } بتشديد اللام . وقرأه أبو عمرو بتخفيف اللام . يقال بلّغ الخبر بالتضعيف وأبلغه بالهمز ، إذا جعله بالغاً .