Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 47, Ayat: 27-27)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الفاء يجوز أن تكون للتفريع على جملة { إن الذين ارتدوا على أدبارهم } محمد 25 الآية وما بينهما متصل بقوله { الشيطانُ سوّل لهم } محمد 25 بناء على المحمل الأول للارتداد فيكون التفريع لبيان ما سيلحقهم من العذاب عند الموت وهو استهلال لما يتواصل من عذابهم عن مبدإ الموت إلى استقرارهم في العذاب الخالد . ويجوز على المحمل الثاني وهو أن المراد الارتداد عن القتال وتكون الفاء فصيحة فيفيد إذا كانوا فروا من القتال هلعاً وخوفاً فكيف إذا توفتهم الملائكة ، أي كيف هلعهم ووجلهم الذي ارتدوا بهما عن القتال . وهذا يقتضي شيئين أولهما أنهم ميّتون لا محالة ، وثانيهما أن موتتهم يصحبها تعذيب . فالأول مأخوذ بدلالة الالتزام وهو في معنى قوله تعالى { الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعُونا ما قتلوا قل فادْرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين } آل عمران 168 وقولِه { وقالوا لا تنفروا في الحرّ قل نار جهنم أشدّ حرّاً لو كانوا يفقهون } التوبة 81 . والثاني هو صريح الكلام وهو وعيد لتعذيب في الدنيا عند الموت . والمقصود وعيدهم بأنهم سيعجل لهم العذاب من أول منازل الآخرة وهو حالة الموت . ولما جعل هذا العذاب محققاً وقوعُه رتب عليه الاستفهام عن حالهم استفهاماً مستعملاً في معنى تعجيب المخاطب من حالهم عند الوفاة ، وهذا التعجيب مؤذن بأنها حالة فظيعة غير معتادة إذ لا يتعجب إلاّ من أمْر غير معهود ، والسياق يدل على الفظاعة . و { إذا } متعلق بمحذوف دل عليه اسم الاستفهام ، تقديره كيف حالهم أو عملهم حين تتوفاهم الملائكة . وكثر حذف متعلّق { كيف } في أمثال هذا مقدَّراً مؤخراً عن { كيف } وعن { إذا } كقوله تعالى { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد } النساء 41 . والتقدير كيف يصنعون ويحتالون . وجعل سيبويه { كيف } في مثله ظرفاً وتبعه ابن الحاجب في الكافية . ولعله أراد الفرار من الحذف . وجملة { يضربون وجوههم وأدبارهم } حال من { الملائكة } . والمقصود من هذه الحال وعيدهم بهذه المِيتة الفظيعة التي قدرها الله لهم وجعل الملائكة تضرب وجوههم وأدبارهم ، أي يضربون وجوههم التي وَقَوْهَا من ضرب السيف حين فرُّوا من الجهاد فإن الوجوه مما يقصد بالضرب بالسيوف عند القتال قال الحريش القريعي ، أو العباس بن مدراس @ نعرّض للسيوف إذا التقينا وجوهاً لا تُعرض للنظام @@ ويضربون أدبارهم التي كانت محل الضرب لو قاتلوا ، وهذا تعريض بأنهم لو قاتلوا لفرُّوا فلا يقع الضرب إلا في أدبارهم .