Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 47, Ayat: 2-2)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا مقابل فريق الذين كفروا وهو فريق الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، وإيراد الموصول وصلته للإيماء إلى وجه بناء الخبر وعلته ، أي لأجل إيمانهم الخ كفَّر عنهم سيئاتهم . وقد جاء في مقابلة الأوصاف الثلاثة التي أثبتت للذين كفروا بثلاثة أوصاف ضدها للمسلمين وهي الإيمان مقابل الكفر ، والإيمانُ بما نُزل على محمد صلى الله عليه وسلم مقابل الصد عن سبيل الله ، وعملُ الصالحات مقابل بعض ما تضمنه { أضل أعمالهم } محمد 1 ، و { وكفّر عنهم سيئاتهم } مقابل بعض آخر مما تضمنه { أضلّ أعمالهم } ، { وأصلح بالهم } مقابل بقية ما تضمنه { أضل أعمالهم } . وزيد في جانب المؤمنين التنويه بشأن القرآن بالجملة المعترضة قوله { وهو الحق من ربهم } وهو نظير لوصفه بسبيل الله في قوله { وصدوا عن سبيل الله } محمد 1 . وعبر عن الجلالة هنا بوصف الربّ زيادة في التنويه بشأن المسلمين على نحو قوله { وأن الكافرين لا مولى لهم } محمد 11 فلذلك لم يقل وصدّوا عن سبيل ربهم . وتكفير السيئات غفرانها لهم فإنهم لما عملوا الصالحات كَفَّر الله عنهم سيئاتهم التي اقترفوها قبل الإيمان ، وكفر لهم الصغائر ، وكفر عنهم بعض الكبائر بمقدار يعلمه إذا كانت قليلة في جانب أعمالهم الصالحات كما قال تعالى { خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيّئاً عسى الله أن يتوب عليهم } التوبة 102 . والبال يطلق على القلب ، أي العقل وما يخطر للمرء من التفكير وهو أكثر إطلاقه ولعله حقيقة فيه ، قال امرؤ القيس @ فعادي عداء بين ثور ونعجة وكان عداء الوحش مِنّي على بال @@ وقال @ عليه القَتامُ سيء الظن والبال @@ ومنه قولهم ما بالك ؟ أي ماذا ظننت حين فعلت كذا ، وقولهم لا يبالي ، كأنه مشتق منه ، أي لا يخطر بباله ، ومنه بيت العُقيلي في الحماسة @ ونبكي حين نقتلكم عليكم ونقتلكم كأنَّا لا نُبالي @@ أي لا نفكر . وحكى الأزهري عن جماعة من العلماء ، أي معنى لا أبالي لا أكره اهــ . وأحسبهم أرادوا تفسير حاصل المعنى ولم يضبطوا تفسير معنى الكلمة . ويطلق البال على الحال والقدر . وفي الحديث " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أبتر " قال الوزير البطليوسي في شرح ديوان امرىء القيس قال أبو سعيد كنت أقول للمعري كيف أصبحت ؟ فيقول بخير أصلح الله بَالك . ولم يوفه صاحب الأساس حقه من البيان وأدمجه في مادة بلو . وإصلاح البال يجمع إصلاح الأمور كلها لأن تصرفات الإنسان تأتي على حسب رأيه ، فالتوحيد أصل صلاح بال المؤمن ، ومنه تنبعث القوى المقاومة للأخطاء والأوهام التي تلبس بها أهل الشرك ، وحكاها عنهم القرآن في مواضع كثيرة والمعنى أقام أنظارهم وعقولهم فلا يفكرون إلا صالحاً ولا يتدبرون إلا ناجحاً .