Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 48, Ayat: 21-21)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا من عطف الجملة على الجملة فقوله { أخرى } مبتدأ موصوف بجملة { لم تقدروا عليها } والخبر قوله { قد أحاط الله بها } . ومجموع الجملة عطف على جملة { وعدكم اللَّه مغانم كثيرة } الفتح 20 فلفظ { أخرى } صفة لموصوف محذوف دل عليه { مغانم } الذي في الجملة قبلها ، أي هي نوع آخر من المغانم صعبة المنال ، ومعنى المغانم يقتضي غانمين فعلم أنها لهم ، أي غير التي وعدهم الله بها ، أي هذه لم يعدهم الله بها ، ولم نجعل { وأخرى } عطفا على قوله { هذه } الفتح 20 عطف المفرد على المفرد إذ ليس المراد غنيمة واحدة بل غنائم كثيرة . ومعنى { لم تقدروا عليها } أنها موصوفة بعَدم قدرتكم عليها ، فلما كانت جملة { لم تقدروا عليها } صفة لــ { أخرى } لم يقتض مدلول الجملة أنهم حاولوا الحصول عليها فلم يقدروا ، وإنّما المعنى أن صفتها عدم قدرتكم عليها فلم تتعلّق أطماعكم بأخذها . والإحاطة بالهمز جعل الشيء حائطاً أي حافظاً ، فأصل همزته للجعل وصار بالاستعمال قاصراً ، ومعناه احتوى عليه ولم يترك له منصرفاً فول على شدة القدرة عليه قال تعالى { لتأتنني به إلا أن يُحاط بكم } يوسف 66 أي إلا أن تغلَبوا غلباً لا تستطيعون معه الإتيان به . فالمعنى أن الله قدَر عليها ، أي قدر عليها فجعلها لكم بقرينة قوله قبله { لم تقدروا عليها } . والمعنى ومغانم أخرى لم تقدروا على نيلها قد قدر الله عليها ، أي فأنا لكُمْ إيّاها . وإلا لم يكن لإعلامهم بأن الله قدر على ما لم يقدروا عليه جدوى لأنهم لا يجهلون ذلك ، أي أحاط الله بها لأجلكم ، وفي معنى الإحاطة إيماء إلى أنها كالشيء المحاط به من جوانبه فلا يفوتهم مكانه ، جعلت كالمخبوء لهم . ولذلك ذُيل بقوله { وكان اللَّه على كل شيء قديراً } إذ هو أمر مقرر في علمهم . فعلم أن الآية أشارت إلى ثلاثة أنواع من المغانم نوع من مغانم موعودة لهم قريبة الحصول وهي مغانم خيبر ، ونوع هو مغانم مرجوة كثيرة غير معين وقت حصولها ، ومنها مغانم يوم حنين وما بعده من الغزوات ، ونوع هو مغانم عظيمة لا يَخطر ببالهم نوالها قد أعدها الله للمسلمين ولعلها مغانم بلاد الروم وبلاد الفرس وبلاد البربر . وفي الآية إيماء إلى أن هذا النوع الأخير لا يناله جميع المخاطبين لأنه لم يأت في ذكره بضميرهم ، وهو الذي تأوله عُمر في عدم قسمة سواد العراق وقرأ قوله تعالى { والذين جاءوا من بعدهم } الحشر 10 .