Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 36-37)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الأظهر أنّ هذه الجملة متّصلة بجملة { ولهم في الآخرة عذاب عظيم } المائدة 33 اتّصال البيان فهي مبيّنة للجملة السابقة تهويلاً للعذاب الّذي توعّدهم الله به في قوله { ذلك لهم خزي في الدّنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم } المائدة 33 فإنّ أولئك المحاربين الّذين نزلت تلك الآية في جزائهم كانوا قد كفروا بعد إسلامهم وحاربوا الله ورسوله ، فلمّا ذكر جزاؤهم عقّب بذكر جزاء يَشملهم ويشمل أمثالهم من الّذين كفروا وذلك لا يناكد كون الآية للسابقة مراداً بها ما يشتمل أهل الحرابة من المسلمين . والشرط في قوله { لَوْ أنّ لَهُمْ مَا في الأرض } مقدّر بفعل دلّت عليه أنّ ، إذ التّقدير لو ثبت ما في الأرض مِلكاً لهم فإنّ لَوْ لاختصاصها بالفعل صحّ الاستغناء عن ذكره بعدها إذا وردت أنّ بعدها . وقوله { ومثلَه معه } معطوف على { ما في الأرض } ، ولا حاجة إلى جعله مفعولاً معه للاستغناء عن ذلك بقوله { معه } . واللام في { ليفتدوا به } لتعليل الفعل المقدّر ، أي لو ثبت لهم ما في الأرض لأجل الافتداء به لا لأجل أن يكنزوه أو يهبوه . وأفرد الضمير في قوله { به } مع أنّ المذكور شيئان هما { ما في الأرض } { ومثلَه } إمّا على اعتبار الضّمير راجعاً إلى { ما في الأرض } فقط ، ويكون قوله { ومثلَه معه } معطوفاً مقدّماً من تأخير . وأصل الكلام لو أنّ لهم ما في الأرض ليفتدوا به ومثلَه معه . ودلّ على اعتباره مقدّماً من تأخير إفراد الضّمير المجرور بالباء . ونكتة التّقديم تعجيل اليأس من الافتداء إليهم ولو بمضاعفة ما في الأرض . وإمَّا ، وهو الظاهر عندي ، أن يكون الضّمير عائداً إلى { مثله معه } ، لأنّ ذلك المثل شمل ما في الأرض وزيادة فلم تبق جدوى لفرض الافتداء بما في الأرض لأنّه قد اندرج في مثله الذي معه . ويجوز أن يُجرى الضّمير مجرى اسم الإشارة في صحّة استعماله مفرداً مع كونه عائداً إلى متعدّد على تأويله بالمذكور وهذا شائع في اسم الإشارة كقوله تعالى { عوان بين ذلك } البقرة 68 أي بين الفارض والبكر ، وقوله { ومن يفعل ذلك يَلْق أثاماً } الفرقان 68 إشارة ما ذكر من قوله { والّذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النّفس الّتي حرّم الله إلاّ بالحقّ ولا يزنون } الفرقان 68 ، لأنّ الإشارة صالحة للشيء وللأشياء ، وهو قليل في الضّمير ، لأنّ صيغ الضّمائر كثيرة مناسبة لِما تعود إليه فخروجها عن ذلك عدول عن أصل الوضع ، وهو قليل ولكنّه فصيح ، ومنه قوله تعالى { قُلْ أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم مَن إله غير الله يأتيكم به } الأنعام 46 أي بالمذكور . وقد جعله في « الكشاف » محمولاً على اسم الإشارة ، وكذلك تأوّله رؤبة لمّا أنشد قولَه @ فيها خُطوط من سوادِ وبَلَق كأنّه في الجلد توليعُ البَهَق @@ فقال أبو عبيدة قلت لرؤبة إن أردت الخطوط فقُل كأنَّها ، وإن أردتَ السوادَ فقل كأنّهما ، فقال أردتُ كأنّ ذلكَ وَيْلَكَ . ومنه في الضّمير قوله تعالى { وآتوا النّساء صدقاتهنّ نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً } النساء 4 . وقد تقدّم عند قوله تعالى { عوان بين ذلك } في سورة البقرة 68 . وقوله { ولهم عذاب مقيم } أي دائم تأكيد لقوله { وما هم بخارجين منها } .